السودان وجرائم غسيل الأموال وفرص استعادة الأموال المنهوبة
عمر سيد احمد (*)
فهرست المحتويات
- الملخص والمقدمة
- الأطر والتشريعات الدولية لمكافحة غسل الأموال
- حجم الظاهرة عالميًا
- الإطار التشريعي والمؤسسي في السودان
- تجربة لجنة إزالة التمكين واسترداد الأموال العامة
- غسل الأموال عبر الذهب والعقارات
- الأثر الاقتصادي والاجتماعي لجرائم غسل الأموال
- استرداد الأموال المنهوبة وتجارب الدول المقارنة
- الخاتمة والرؤية المستقبلية
- قائمة المراجع
الكلمات المفتاحية: صندوق النقد الدولي، البنك الدولي، مجموعة العمل المالي، مبادرة استرداد الأصول المنهوبة، بنك السودان المركزي، تشاتام هاوس، ذا سنتري
Keywords: International Monetary Fund (IMF), World Bank, Financial Action Task Force (FATF), Stolen Asset Recovery Initiative (StAR), Central Bank of Sudan, Chatham House, The Sentry.
*******************************************************************
الملخص والمقدمة
تتناول هذه الورقة البحثية جريمة غسيل الأموال في بعدها العالمي والإقليمي، مع تركيز خاص على التجربة السودانية بين ثورة ديسمبر 2018، وانقلاب أكتوبر 2021، والحرب الجارية منذ أبريل [1]2023.
تسعى الدراسة إلى تحليل الترابط بين الفساد السياسي والاقتصاد الموازي وعمليات تهريب الموارد، لا سيما الذهب والعقارات، كقنوات رئيسية لغسل العائدات الإجرامية.[2]
كما تناقش أثر تلك الجرائم على الاستقرار المالي والثقة في المؤسسات المصرفية، وتستعرض الجهود الدولية والسودانية في مكافحة غسل الأموال واسترداد الأصول المنهوبة، مع تقديم مقترحات لإصلاح الإطار القانوني والمؤسسي القائم.[3]
يهدف البحث إلى إبراز أن مكافحة غسيل الأموال واسترداد الأصول ليست مسألة جنائية فحسب، بل هي قضية سيادة وثقة بين الدولة والمجتمع، وأن نجاحها يمثل خطوة حاسمة نحو بناء مؤسسات شفافة قادرة على تمويل الإعمار والتنمية المستدامة في السودان.[4]
الأطر والتشريعات الدولية لمكافحة غسل الأموال
منذ تسعينيات القرن العشرين، تطوّر النظام الدولي لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب ليُصبح أحد أكثر الأطر القانونية والمؤسسية تكاملًا في العالم.[5]
فقد أنشأت مجموعة الدول الصناعية السبع (G7) عام 1989 مجموعة العمل المالي (FATF) لتكون المرجعية الدولية في هذا المجال، حيث وضعت أربعين توصية تشكل الإطار الأساسي للتشريعات الوطنية الهادفة إلى مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.[6]
تركّز هذه التوصيات على تعزيز الشفافية المالية، وإلزام المؤسسات المالية بتطبيق مبادئ اعرف عميلك (Know Your Customer – KYC)، والإبلاغ الإلزامي عن المعاملات المشبوهة، والتعاون الدولي في مجال تبادل المعلومات المالية والاستخباراتية.[7]
وفي عام 2000 أُقرت اتفاقية باليرمو لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود، والتي مهّدت لظهور اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد (UNCAC) عام 2003، وهي الإطار القانوني الأوسع لاسترداد الأصول المنهوبة، إذ نصت مادتها (51) على أن استرداد الموجودات حقّ أساسي للدول الأطراف.[8]
كما أطلقت الأمم المتحدة والبنك الدولي عام 2007 مبادرة استرداد الأصول المنهوبة (StAR) بهدف مساعدة الدول النامية على تتبع الأموال المهربة وتقديم الدعم الفني والقانوني لاستعادتها.[9]
وعلى المستوى الإقليمي، تبنّى الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي منظومات تشريعية متقدمة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وألزما الدول الأعضاء بتطبيق نهج قائم على تقييم المخاطر (Risk-Based Approach) وبإنشاء وحدات مستقلة للمعلومات المالية [10]FIUs).)
كما انضمت العديد من الدول العربية إلى مجموعة العمل المالي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا (MENAFATF) التي تأسست عام 2004، لتكون الذراع الإقليمي لمجموعة FATF، وتعمل على تطوير التشريعات وتبادل الخبرات في هذا المجال.[11]
وقد ساهم صندوق النقد الدولي (IMF) في تعزيز هذه الجهود من خلال تقديم المساعدات الفنية للدول الأعضاء لتحسين أنظمتها الرقابية وتطبيق معايير الشفافية والمساءلة، بينما أتاحت مجموعة الإيجمونت (Egmont Group) — التي تضم أكثر من 150 وحدة معلومات مالية حول العالم — شبكة تعاون فعّالة لتبادل المعلومات حول الأنشطة المشبوهة العابرة للحدود.[12]
ويُلاحظ أن الإطار الدولي لمكافحة غسل الأموال لا يقتصر على وضع القواعد القانونية، بل يؤسس لمنظومة رقابة جماعية تربط بين النزاهة المالية والاستقرار الاقتصادي وحماية سيادة القانون.[13]
أما السودان، فقد واجه صعوبة في الاندماج في هذا النظام طوال عقدين نتيجة العزلة المالية والعقوبات الدولية (1997–2020)، ما جعله ساحة خصبة لاقتصاد الظل وتدفقات الأموال غير المشروعة.[14]
بدأ السودان خطواته الأولى في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في مطلع الألفية الجديدة، استجابةً لمطالب دولية وإقليمية بضرورة الانخراط في منظومة الامتثال المالي العالمية. فقد صدر أول قانون لمكافحة غسل الأموال في البلاد عام 2003، تبعه إنشاء وحدة المعلومات المالية (FIU) في بنك السودان المركزي عام 2004. وفي عام 2010 أُعيد تنظيم الإطار المؤسسي بموجب قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ثم عُدّل في 2014 بإنشاء اللجنة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب لتصبح الجهة العليا المسؤولة عن رسم السياسات العامة والتنسيق بين الأجهزة الرقابية. وفي 2017 انضمت وحدة المعلومات المالية رسميًا إلى مجموعة الإيجمونت، وبعد تنفيذ خطة عمل إصلاحية بالتنسيق مع FATF تمت إزالة اسم السودان من القائمة الرمادية في أكتوبر 2015 — وهي علامات مفصلية على تطور الإطار القانوني شكلاً، رغم استمرار تحديات التنفيذ والحوكمة
حجم الظاهرة عالميًا
تُعدّ جريمة غسل الأموال من أكثر الظواهر الاقتصادية تعقيدًا وانتشارًا في العالم المعاصر، إذ تتجاوز آثارها حدود الجريمة الفردية لتصبح نظامًا اقتصاديًا موازيًا يمتد عبر القارات ويغذي شبكات الفساد والجريمة المنظمة.[15]
تشير تقديرات صندوق النقد الدولي (IMF) ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة (UNODC) إلى أن حجم الأموال المغسولة عالميًا يتراوح بين 2 إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، أي ما يعادل 800 مليار إلى نحو 2 تريليون دولار سنويًا.[16]
وتُظهر بيانات البنك الدولي أن حجم الأموال العامة المنهوبة من الدول النامية وحدها يتراوح بين 1 و1.6 تريليون دولار سنويًا، فيما يسيطر مسؤولون نافذون في الأنظمة الديكتاتورية على ما بين 20 و40 مليار دولار من تلك الأموال تُهرّب سنويًا إلى ملاذات مالية آمنة.[17]
وتؤكد دراسات مجموعة العمل المالي (FATF) أن نحو 70% من الجرائم المالية الدولية تمر عبر النظام المصرفي الرسمي في مراحلها الأولى قبل أن تُعاد ضخها في الاقتصاد المشروع عبر استثمارات أو أصول قانونية.[18]
هذا يعني أن المؤسسات المالية تمثل الحلقة المركزية في منظومة غسل الأموال، وأن أي ضعف في الرقابة المصرفية يُترجم مباشرة إلى خسائر في الإيرادات العامة، وتآكل في الثقة بسياسات الدولة النقدية والمالية.[19]
ولا يقتصر أثر غسل الأموال على تشويه المنافسة الاقتصادية أو تآكل الحصيلة الضريبية، بل يمتد إلى إضعاف الاستقرار النقدي وخلق اقتصادات ظلّ موازية تُقوّض قدرة الدول على إدارة سياساتها المالية ومكافحة الفقر.[20]
فكل دولار مغسول يُمثّل خسارة مباشرة في الإيرادات الشرعية، ويُعزز من هيمنة رأس المال غير المشروع، مما يؤدي إلى إعادة توزيع الثروة وفق منطق الفساد والتهريب بدلًا من منطق الإنتاج والاستثمار.[21]
وفي هذا السياق، تشير مبادرة استرداد الأصول المنهوبة (StAR) التابعة للبنك الدولي والأمم المتحدة إلى أن استرداد 10% فقط من الأموال المنهوبة كفيل بتغطية الفجوة التمويلية لقطاعي الصحة والتعليم في أكثر من 30 دولة نامية.[22]
هذه الأرقام تبرز أن غسل الأموال لم يعد مجرد ظاهرة مالية، بل تهديدًا مباشرًا للتنمية المستدامة والاستقرار السياسي والاجتماعي على مستوى العالم.[23]
الإطار التشريعي والمؤسسي في السودان
بدأ السودان خطواته الأولى في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في مطلع الألفية الجديدة، استجابةً لمطالب دولية وإقليمية بضرورة الانخراط في منظومة الامتثال المالي العالمية.[24]
فقد صدر أول قانون لمكافحة غسل الأموال في البلاد عام 2003، تبعه إنشاء وحدة المعلومات المالية (Financial Intelligence Unit – FIU) في بنك السودان المركزي عام 2004، لتتولى مهام تلقي الإخطارات المتعلقة بالعمليات المشبوهة وتحليلها وإحالتها إلى الجهات العدلية المختصة.[25]
وفي عام 2010 أُعيد تنظيم الإطار المؤسسي بموجب قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، الذي نص على إنشاء اللجنة الإدارية العليا لمكافحة غسل الأموال، برئاسة المدعي العام وعضوية ممثلين من البنك المركزي ووزارات العدل والداخلية والمالية.[26]
ثم تم تعديل القانون في عام 2014، حيث أنشأ اللجنة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب برئاسة وكيل وزارة العدل ونائب محافظ البنك المركزي، لتصبح الجهة العليا المسؤولة عن رسم السياسات العامة والتنسيق بين الأجهزة الرقابية[27].
وفي عام 2017، انضمت وحدة المعلومات المالية رسميًا إلى مجموعة الإيجمونت (Egmont Group)، ما أتاح للسودان تبادل المعلومات مع أكثر من 150 دولة في إطار التعاون الدولي لمكافحة الجرائم المالية.[28]
كما تعاون السودان مع مجموعة العمل المالي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا (MENAFATF) وخضع لتقييم مشترك في عامي 2005 و2012، أظهر وجود أوجه قصور مؤسسية وتشريعية.[29]
وبعد تنفيذ خطة عمل إصلاحية بالتنسيق مع مجموعة العمل المالي (FATF)، تمت إزالة اسم السودان من القائمة الرمادية في أكتوبر 2015، وهو إنجاز أشار إليه تقرير بنك السودان المركزي لعام 2016 كدليل على تحسن الامتثال الفني.[30]
رغم ذلك، لا تزال التحديات الهيكلية قائمة، أبرزها ضعف التنسيق المؤسسي بين الجهات العدلية والرقابية، وقصور القدرات الفنية في تتبع التدفقات المالية غير المشروعة، خصوصًا في قطاعات الذهب والعقارات.[31]
وقد أشار تقرير صندوق النقد الدولي لعام 2022 إلى أن السودان ما زال بحاجة إلى إصلاحات مؤسسية شاملة لضمان استقلالية وحدة المعلومات المالية وتعزيز الإشراف على المهن غير المالية المعرضة لمخاطر الغسل.
بذلك يمكن القول إن الإطار القانوني في السودان تطور من حيث الشكل التشريعي، لكنه ما زال يعاني من ضعف التنفيذ العملي والحوكمة، وهي ثغرات تفاقمت بعد اندلاع الحرب في أبريل 2023، حيث انهارت الرقابة المصرفية وتوقفت معظم مؤسسات الدولة عن أداء وظائفها.
تجربة لجنة إزالة التمكين واسترداد الأموال العامة (2019–2021)
شكّلت ثورة ديسمبر 2018 نقطة تحول مفصلية في مسار مكافحة الفساد واسترداد الأموال المنهوبة في السودان، إذ أفرزت مطالب شعبية قوية بضرورة تفكيك بنية التمكين الاقتصادي والسياسي التي أرساها نظام الإنقاذ منذ عام 1989.[32]
وفي هذا السياق، أُنشئت لجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد واسترداد الأموال العامة بموجب المرسوم الدستوري رقم (70) لسنة 2019، كآلية انتقالية تعمل على تفكيك مؤسسات النفوذ المالي والإداري المرتبطة بالنظام السابق، واستعادة الأموال العامة المملوكة للدولة أو المنهوبة عبر واجهات سياسية واقتصادية.[33]
خلال عامي 2020–2021، تمكنت اللجنة من استرداد أصول تقدّر قيمتها بنحو 1.4 مليار دولار داخل السودان وخارجه، شملت شركات تجارية، أراضي زراعية، وممتلكات عقارية.[34]
كما أحالت عشرات الملفات إلى النيابة العامة وهيئة مكافحة الفساد لمتابعة الإجراءات القضائية[35].
ورغم هذه النجاحات الجزئية، واجهت اللجنة تحديات مؤسسية وهيكلية عميقة كشفت هشاشة الإطار القانوني الناظم لعملها.[36]
يمكن تلخيص أبرز الإخفاقات التي واجهتها اللجنة في ثلاثة محاور رئيسية:
- الطابع السياسي للإجراءات:تم ربط عمل اللجنة بصراعات داخل مكونات السلطة الانتقالية، مما أثار جدلًا واسعًا حول استقلاليتها وشفافيتها القانونية.[37]
- غياب الإطار القضائي المستقل:اعتمدت اللجنة على قرارات إدارية قابلة للطعن دون رقابة قضائية حقيقية، مما أضعف قوة قراراتها القانونية وأتاح الفرصة لخصومها السياسيين لتقويضها.[38]
- ضعف التنسيق مع المؤسسات الرقابية والمصرفية:فشل التعاون بين اللجنة وبنك السودان المركزي ووحدة المعلومات المالية في تتبع حركة الأموال داخليًا وخارجيًا، ما أتاح لبعض المتورطين نقل أصولهم قبل صدور قرارات المصادرة أو التجميد.[39]
وجاء انقلاب 25 أكتوبر 2021 ليقضي فعليًا على التجربة، إذ أصدر قائد الجيش قرارًا بحل اللجنة وإلغاء جميع قراراتها السابقة، لتُعاد الأصول المصادرة إلى أصحابها دون مراجعة قضائية، ما مثّل نكسة كبيرة لجهود العدالة الانتقالية ومحاربة الفساد.[40]
ورغم هذا الانهيار المؤسسي، تركت التجربة أثرًا رمزيًا مهمًا؛ إذ أسست لأول مرة لمفهوم الاسترداد الوطني للأصول المنهوبة من داخل الدولة، وأعادت طرح النقاش العام حول علاقة الفساد بالسلطة والثروة.[41]
ويرى العديد من الخبراء أن أي جهد مستقبلي لاسترداد الأصول يجب أن يُبنى على إنشاء مفوضية قضائية دائمة مستقلة تخضع لرقابة القضاء العادي لا للسلطة التنفيذية، وتعمل في تنسيق مباشر مع الأمم المتحدة والبنك الدولي ضمن إطار مبادرة استرداد الأصول المنهوبة (StAR).[42]
غسل الأموال عبر الذهب والعقارات
يُعدّ الذهب في السودان القناة الأخطر لغسل الأموال، نظرًا لارتباطه المباشر بموارد طبيعية عالية القيمة وضعف الرقابة على إنتاجه وتسويقه.[43]
فمنذ عام 2011، ومع فقدان البلاد لعائدات النفط عقب انفصال الجنوب، تحوّل الذهب إلى المورد السيادي الأهم، لكن غياب الشفافية في قطاع التعدين جعله أيضًا المنفذ الرئيس لتهريب وغسل الأموال.[44]
تشير تقارير Chatham House (2024) وThe Sentry (2024) إلى أن نحو 70 إلى 80% من الإنتاج السنوي للذهب السوداني يُهرَّب عبر الحدود إلى مصر وتشاد وليبيا، ومنها إلى الإمارات العربية المتحدة التي تُعد مركزًا إقليميًا لتجارة الذهب غير الرسمي.[45]
وتُستخدم هذه العمليات في إخفاء المصدر غير المشروع للعائدات، حيث تُباع الكميات المهربة في الخارج بعقود قانونية، ثم تُعاد عائداتها إلى الداخل في شكل استثمارات أو عقارات أو تحويلات مالية تبدو مشروعة المظهر.[46]
وبهذا تتحول عمليات التهريب إلى دورة مالية مكتملة العناصر تُعيد إدماج الأموال القذرة داخل الاقتصاد الرسمي.
ويُلاحظ أن القطاع الذهبي في السودان يتكوّن من شبكات متداخلة تضم شركات واجهة ومضاربين وتجارًا كبارًا، بعضهم مرتبط بمؤسسات أمنية أو سياسية نافذة.[47]
ومع اندلاع الحرب في أبريل 2023، انهارت الرقابة الحكومية والضوابط المصرفية، ما أتاح لهذه الشبكات توسيع نشاطها في تمويل الصراع عبر عائدات الذهب المغسولة.[48]
وقد وصف تقرير البنك الدولي لعام 2024 هذا الوضع بأنه “نموذج كلاسيكي لاقتصاد حرب قائم على الموارد”، حيث تُستخدم المعادن الثمينة كأداة للتمويل غير المشروع.[49]
أما القطاع العقاري فيمثل الوجه الآخر لعملة الغسل، إذ يُستخدم كملاذ آمن لإعادة تدوير الأموال غير المشروعة عبر شراء وبيع العقارات دون رقابة كافية.[50]
تُظهر الدراسات أن معاملات العقارات في الخرطوم ومدن مثل بورتسودان وكسلا تُنفذ غالبًا نقدًا، خارج النظام المصرفي، مما يسهل عمليات التمويه[51].
ويُستغل ضعف التشريعات — مثل قانون تسوية الأراضي وتسجيلها لعام 1994، وقانون التصرف في الأراضي لعام 2015 — في تسجيل الأصول بأسماء وسطاء أو شركات واجهة.[52]
ومن العوامل التي تجعل العقارات قناة مفضلة لغسل الأموال:
- غياب الضوابط المهنية على الوسطاء العقاريين، وعدم إلزامهم بإجراءات “اعرف عميلك”.[53]
- انعدام الشفافية السعرية في تقدير العقارات، بما يسمح بتسجيل الصفقات بأقل من قيمتها الفعلية لتجنب الضرائب.[54]
- ضعف الإشراف المالي على الشركات العقارية، ما يجعلها أداة لتبييض العائدات الناتجة عن الفساد أو تجارة الذهب والعملة.[55]
وتقترح الدراسات الحديثة إنشاء بورصة عقارية وطنية إلكترونية لتسجيل جميع المعاملات، وربطها بنظام وحدة المعلومات المالية (FIU) لضمان التتبع والتحليل المالي.[56]
كما يُوصى بحظر التعاملات النقدية المباشرة في العقارات وإلزام الوسطاء والمراجعين والمحامين بالحصول على تراخيص مهنية وفق معايير مكافحة غسل الأموال.[57]
إن الذهب والعقارات في السودان يشكّلان جناحي الاقتصاد الموازي؛ الأول لتوليد الأموال غير المشروعة، والثاني لإعادة تدويرها داخل الاقتصاد المشروع، مما يجعل مكافحة الغسل مرهونة بتفكيك هذه المنظومة المترابطة بين المال والسياسة والموارد[58].
الأثر الاقتصادي والاجتماعي لجرائم غسل الأموال
تترك جرائم غسل الأموال آثارًا اقتصادية واجتماعية عميقة تتجاوز البعد المالي إلى تهديد الاستقرار المؤسسي والتنمية الوطنية.[59]
فهي تُقوّض الثقة في النظام المصرفي، وتُضعف قدرة الدولة على إدارة السياسة النقدية، وتُكرّس اقتصادًا موازيًا يعيد توزيع الثروة على أساس الولاء والنفوذ بدلًا من الإنتاج والكفاءة.[60]
في السودان، أدت عمليات غسل الأموال والتهريب الواسع إلى تآكل الثقة في القطاع المصرفي، إذ دخلت تدفقات مالية مجهولة المصدر إلى النظام المالي ثم خرجت سريعًا عبر التحويلات غير الرسمية.[61]
هذا التذبذب في السيولة أضعف قدرة بنك السودان المركزي على إدارة أسعار الصرف ومعدلات الفائدة، وساهم في خلق سوق موازٍ للعملات الأجنبية يهيمن عليه تجار الذهب وشبكات المضاربة.[62]
وعلى المستوى الاستثماري، ساهمت هذه الأنشطة في تشويه هيكل الاقتصاد الوطني، حيث وُجّهت الأموال المغسولة نحو قطاعات غير منتجة مثل العقارات والتجارة الاستهلاكية بدلًا من الزراعة والصناعة، مما قلّص فرص التشغيل والإنتاج.[63]
كما ساهمت في تضخيم الطلب على العملات الأجنبية لتمويل واردات استهلاكية، في حين تراجعت الاستثمارات الإنتاجية طويلة الأجل.[64]
اجتماعيًا، أدت جرائم غسل الأموال إلى توسيع الفجوة الطبقية بين فئة صغيرة من “أثرياء الحرب والفساد” الذين راكموا ثرواتهم من الأنشطة غير المشروعة، وغالبية سكانية تعاني من الفقر وتدهور الدخل.[65]
وقد أسهم هذا التفاوت في إضعاف القيم الاجتماعية للعمل والإنتاج، وتعزيز ثقافة الريع والمضاربة، وهي سمات تؤدي تدريجيًا إلى تفكك النسيج الاجتماعي وغياب العدالة الاقتصادية.[66]
وفقًا لتقديرات البنك الدولي (2024)، فقد فقد السودان أكثر من 45% من دخله القومي نتيجة التدفقات المالية غير المشروعة المرتبطة بالذهب والوقود والعقارات، وهو ما انعكس في تضخّم تجاوز 120% وتدهور الجنيه السوداني بنسبة 400% خلال ثلاث سنوات فقط.[67]
كما أشار صندوق النقد الدولي إلى أن الاقتصاد الموازي في السودان أصبح يشكّل أكثر من 80% من الناتج الفعلي، ما يجعل الدولة عاجزة عن فرض رقابة مالية فعالة أو تحصيل الضرائب من الأنشطة غير النظامية.[68]
بذلك يمكن القول إن غسل الأموال في السودان لم يعد مجرد جريمة مالية، بل تحول إلى آلية لإعادة توزيع الثروة والسلطة خارج إطار القانون، تغذي الفساد وتُطيل أمد الصراع.[69]
ومن ثمّ فإن أي مسار لإعادة الإعمار الاقتصادي بعد الحرب لن ينجح دون تفكيك هذه الشبكات الموازية وإعادة دمج الاقتصاد الرسمي في إطار مؤسسي شفاف يخضع للمساءلة القانونية والرقابة المصرفية الحديثة.[70]
استرداد الأموال المنهوبة وتجارب الدول المقارنة
يُعدّ استرداد الأموال المنهوبة من أكثر الملفات القانونية والسياسية تعقيدًا في منظومة مكافحة الفساد العالمية، نظرًا لتشابك مصالح الدول المصدّرة للأموال مع تلك التي تستقبلها، وصعوبة إثبات الملكية القانونية لتلك الأصول.[71]
فالأموال المنهوبة عادةً ما تُهرَّب إلى ملاذات مالية محمية بقوانين السرية المصرفية، ثم تُعاد تدويرها عبر استثمارات مشروعة المظهر في دول أخرى، ما يجعل تعقّبها واستعادتها يتطلب تعاونًا دوليًا متعدد المستويات.[72]
نصّت اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد (UNCAC) في مادتها (51) على أن “استرداد الموجودات حقّ أساسي للدول الأطراف”، وألزمت الدول المتلقية للأموال بالتعاون الكامل مع الدول المتضررة في تجميد ومصادرة الأصول.[73]
كما أطلقت الأمم المتحدة والبنك الدولي عام 2007 مبادرة استرداد الأصول المنهوبة (StAR Initiative) لتقديم الدعم الفني والقانوني للدول النامية في بناء ملفات الاسترداد القضائية وتوثيقها أمام المحاكم الدولية.[74]
تُظهر التجارب الدولية أن النجاح في هذا المجال يعتمد على الإرادة السياسية والتعاون القضائي الدولي والشفافية في إدارة الأموال المستردة.[75]
وقد برزت عدة نماذج مهمة في هذا السياق:
- نيجيريا:نجحت عام 2005 في استرداد أكثر من 500 مليون دولار من أموال الجنرال ساني أباتشا المودعة في سويسرا، بعد اتفاق ثلاثي بين الحكومة السويسرية ونيجيريا والبنك الدولي ضمن مبادرة[76] StAR.
- الفلبين:بعد معركة قضائية امتدت لعقود، استعادت عام 2003 نحو 681 مليون دولار من أموال الرئيس فرديناند ماركوس من المصارف السويسرية.[77]
- تونس:عقب ثورة 2011، تمكنت من استرداد قرابة 28 مليون دولار من أموال زين العابدين بن علي عبر اتفاقات ثنائية مع لبنان وسويسرا وكندا.[78]
- مصر:واجهت صعوبات كبيرة في استرداد أموال حسني مبارك رغم صدور أحكام قضائية محلية، بسبب ضعف التنسيق الدولي وتغيّر الأنظمة السياسية.[79]
تُبرز هذه التجارب أن عملية الاسترداد لا تنجح إلا في ظل إطار قانوني مستقل ومؤسسات قضائية فاعلة تمتلك القدرة على إدارة الملفات المعقدة والتعامل مع الأنظمة المصرفية الأجنبية.[80]
وفي الحالة السودانية، فإن استرداد الأموال المنهوبة من الخارج يواجه تحديات مركّبة، أبرزها ضعف التوثيق المالي وضياع السجلات الرسمية نتيجة الحرب، وغياب التنسيق بين وزارة العدل والبنك المركزي ووحدة المعلومات المالية. [81]
لذلك يقترح الخبراء إنشاء مفوضية قضائية دائمة ومستقلة تتولى التنسيق مع الأمم المتحدة والبنك الدولي في إطار مبادرة StAR، مع رقمنة السجلات العقارية والمالية لضمان تتبّع الأموال المهربة وإثبات ملكيتها.[82]
كما ينبغي أن تُدار الأموال المستردة في السودان عبر صندوق سيادي خاص للتنمية والإعمار يخضع لرقابة برلمانية ومحاسبية صارمة، حتى لا تُعاد تدويرها داخل منظومة الفساد ذاتها.[83]
فاسترداد الأصول ليس مجرد استرجاع مالي، بل هو استعادة للسيادة والثقة بين المجتمع والدولة، وخطوة تأسيسية لبناء مؤسسات نزيهة وقضاء مستقل واقتصاد قائم على الشفافية والمساءلة.[84]
الخاتمة والرؤية المستقبلية
تُظهر التجربة السودانية أن مكافحة غسل الأموال واسترداد الأصول المنهوبة ليست قضية مالية فحسب، بل هي معركة سيادة وعدالة تهدف إلى استعادة ثقة المجتمع في الدولة وإصلاح بنية الاقتصاد الوطني.[85]
لقد تبيّن أن منظومة الفساد وغسل الأموال في السودان ليست مجرد ممارسات فردية، بل بنية مؤسسية ممتدة تداخلت فيها المصالح السياسية والاقتصادية والأمنية على مدى ثلاثة عقود.[86]
لقد كشفت الحرب التي اندلعت في أبريل 2023 عن مدى هشاشة النظام المالي السوداني، حيث تفككت الأجهزة الرقابية، وانتعشت شبكات الاقتصاد الموازي التي موّلت الصراع من عائدات الذهب والعقارات وتهريب العملات.[87]
وبذلك تحوّل غسل الأموال من جريمة مالية إلى آلية لإطالة أمد الحرب وتغذية الفوضى الاقتصادية.[88]
غير أن هذه المرحلة تتيح أيضًا فرصة لإعادة بناء المنظومة المالية على أسس جديدة، إذا ما توافرت الإرادة السياسية والمؤسسية.
فنجاح جهود استرداد الأموال المنهوبة يمكن أن يشكل نقطة انطلاق لإعادة الإعمار، شريطة أن تُدار الأموال المستردة ضمن آلية شفافة ومستقلة، مثل صندوق وطني للإعمار والتنمية المستدامة يخضع لرقابة برلمانية ومراجعة دولية.[89]
كما أن إصلاح النظام المصرفي يتطلب إعادة هيكلة بنك السودان المركزي وضمان استقلاله، وتفعيل نظام وحدة المعلومات المالية (FIU) كجهاز وطني مستقل للتقصي والتحليل المالي.[90]
ويجب أن يشمل الإصلاح رقمنة السجلات المالية والعقارية وتطبيق الذكاء الاصطناعي في رصد التحويلات المشبوهة، كما هو معمول به في تجارب دول مثل ماليزيا والإمارات.[91]
من ناحية أخرى، ينبغي أن تتبنى الدولة رؤية متكاملة لدمج مكافحة غسل الأموال ضمن استراتيجية إعادة الإعمار، بحيث تُربط العدالة المالية بالعدالة الانتقالية، وتُستخدم الأصول المستردة في تمويل التعليم والصحة والبنية التحتية، مما يعزز التنمية المستدامة ويعيد بناء الثقة بين المواطن والمؤسسات.[92]
في النهاية، لا يمكن بناء اقتصاد سليم في ظل منظومة مالية ملوثة بالفساد والتهريب.
فحين تُسترد الأموال، يُسترد معها معنى الدولة ذاته — دولة القانون والمؤسسات والشفافية — وحين تُغلق منافذ الغسل والتهريب، يُفتح الباب أمام إعمارٍ حقيقي يُعيد للسودان مكانته وسيادته وكرامته الاقتصادية.[93]
__________________________________
خبير مصرفي ومالي وتمويل مستقل
(Freelance Banking , Financial & Finance Expert)
Email: O.Sidahmed09@gmail.com
قائمة المصادر (Bibliography)
- البنك الدولي. Governance and Anti-Corruption Framework for Fragile States. واشنطن: البنك الدولي، 2023.
- البنك الدولي. Illicit Financial Flows from Developing Countries. واشنطن: البنك الدولي، 2022.
- البنك الدولي والأمم المتحدة. StAR Initiative: Challenges, Opportunities and Action Plan. واشنطن، 2022.
- بنك السودان المركزي. تقرير حول جهود السودان في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. الخرطوم، 2016.
- بنك السودان المركزي. تقرير وحدة المعلومات المالية. الخرطوم، 2022.
- Chatham House. Sudan’s Gold Economy and the War Networks. لندن، 2024.
- Chatham House. Illicit Economies and State Capture in Sudan. لندن، 2024.
- Egmont Group. Annual Report on Global FIU Cooperation. تورونتو، 2023.
- FATF. International Standards on Combating Money Laundering and the Financing of Terrorism & Proliferation. باريس: FATF، 2023.
- Global Witness. Gold, Power and Corruption: Sudan’s Hidden Resource Economy. لندن، 2022.
- IMF. Money Laundering: The Global Threat and the International Response. واشنطن، 2021.
- IMF. Financial Stability Assessment for Sudan. واشنطن، 2022.
- MENAFATF. التقرير السنوي 2023. المنامة، 2024.
- OECD. Illicit Financial Flows: The Economy of Corruption and Laundering. باريس، 2022.
- The Sentry. Conflict Gold and the UAE Connection: Sudan’s Hidden Finances. واشنطن، 2024.
- UNODC. Global Report on Money Laundering 2022. فيينا، 2023.
- الأمم المتحدة. اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد (UNCAC). نيويورك، 2003.
- فيصل علي سليمان الدابي. مكافحة جرائم غسل الأموال. صحيفة الصحافة، الخرطوم، 2010.
[1] صندوق النقد الدولي، واشنطن Money Laundering: The Global Threat and the International Response: IMF، 2021.
[2] Chatham House، Sudan’s Gold Economy and the War Networks(لندن، 2024)
[3] International Standards on Combating Money Laundering and the Financing of Terrorism مجموعة العمل المالي(باريس، 2023).
[4] StAR Initiative : Challenges, Opportunities and Action Plan البنك الدولي والأمم الأطر والتشريعات الدولية لمكافحة غسل الأموال المتحدة
[5]IMF)، Money Laundering: The Global Threat and the International Response صندوق النقد الدولي واشنطن، 2021
[6] FATF، International Standards on Combating Money Laundering and the Financing of Terrorism & Proliferation، باريس، 2023
[7] Combating Money Laundering and the Financing of Terrorism: A Comprehensive Training Guide، واشنطن، 2022
[8] الأمم المتحدة، اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، نيويورك 2003 UNCAC
[9] StAR Initiative: Challenges, Opportunities and Action Plan البنك الدولي والأمم المتحدة واشنطن، 2022
[10] Directive (EU) 2018/1673 on the Prevention of the Use of the Financial System for the Purposes of Money Laundering or Terrorist Financing الاتحاد الأوروبي
[11])MENAFAT2024 مجموعة العمل المالي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا لتقرير السنوي 2023، البحرين (
[12] Egmont Group، Annual Report on Global FIU Cooperation، تورونتو، 2022.
[13] Chatham House، Global Financial Integrity and Transnational Corruption لندن، 2023،
[14] The Sentry، Conflict Gold and the UAE Connection: Sudan’s Hidden Finance، واشنطن، 2024
[15] IMF، Money Laundering: The Global Threat and the International Response واشنطن، 2021.
[16] UNODC، Global Report on Money Laundering 2022 فيينا
[17] البنك الدولي، Illicit Financial Flows from Developing Countries، واشنطن2022،
[18] FATF، International Standards on Combating Money Laundering and Terrorist Financing، باريس، 2023
[19] Egmont Group، Financial Intelligence Units and Global AML Cooperation Report، تورونتو، 2023
[20] Chatham House، Global Financial Integrity and Corruption، لندن، 2023
[21] OECD، Illicit Financial Flows: The Economy of Corruption and Laundering باريس2022،
[22] World Bank & UNODC، StAR Initiative: Challenges and Opportunities واشنطن2022،
[23] United Nations، Sustainable Development and Anti-Corruption Agenda نيويورك2023،
[24] البنك الدولي، Financial Integrity and Anti-Money Laundering in Fragile States واشنطن، 2021
[25] بنك السودان المركزي، تقرير حول جهود السودان في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، الخرطوم، 2016
[26] ³ وزارة العدل السودانية، قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب لسنة 2010، الخرطوم
[27] ⁴ الجريدة الرسمية، قانون التعديل لسنة 2014 (اللجنة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب)، الخرطوم، 2014
[28] ، تورونتو2018،⁵ Egmont Group، Annual Report on Global FIU Cooperation
[29] ⁶ MENAFATF، Mutual Evaluation Report: Sudan 2012المنامة2013،
[30] بنك السودان المركزي، التقرير السنوي 2016، الخرطوم.
[31] ⁸ Chatham House، Sudan’s Financial System and Illicit Flows لندن، 2024
[32] نازك حامد الهاشمي، من تاريخ العزلة الاقتصادية في السودان، مجلة السياسة والاقتصاد، العدد 7، الخرطوم، 2022
[33] ² وزارة العدل السودانية، المرسوم الدستوري رقم (70) لسنة 2019 بشأن لجنة إزالة التمكين، الخرطوم، 2019
[34] اللجنة العليا لإزالة التمكين، التقرير المرحلي للأصول المستردة، الخرطوم، 2021
[35] ⁴ هيئة مكافحة الفساد، تقرير الأداء للعام 2021، الخرطوم
[36] البنك الدولي، واشنطن، 2022 Governance and Anti-Corruption Review: Sudan
[37] ⁶ صحيفة سودان تريبيون، “جدل حول استقلالية لجنة إزالة التمكين”، 3 مايو 2021
[38] الجريدة الرسمية، قرارات لجنة إزالة التمكين رقم (15/2020)، الخرطوم، 2020
[39] ⁸ بنك السودان المركزي، تقرير وحدة المعلومات المالية 2021، الخرطوم، 2022
[40] ⁹ وكالة رويترز، “الجيش السوداني يحل لجنة إزالة التمكين”، 26 أكتوبر 2021
[41] ¹⁰ مركز دراسات السودان المعاصر، تقييم تجربة إزالة التمكين واسترداد الأصول، جنيف، 2022
[42] ¹¹ UNODC & World Bank، StAR Initiative: Practical Guide for Asset Recovery فيينا–واشنطن، 2023
[43] ¹ نازك حامد الهاشمي، من تاريخ العزلة الاقتصادية في السودان، مجلة السياسة والاقتصاد، العدد 7، الخرطوم، 2022
[44] ² وزارة العدل السودانية، المرسوم الدستوري رقم (70) لسنة 2019 بشأن لجنة إزالة التمكين، الخرطوم، 2019
[45] ³ اللجنة العليا لإزالة التمكين، التقرير المرحلي للأصول المستردة، الخرطوم2021،
[46] ⁴ هيئة مكافحة الفساد، تقرير الأداء للعام 2021، الخرطوم
[47] لندن، 2022⁵ Global Witness، Gold, Power and Corruption: Sudan’s Hidden Resource Economy
[48] ⁶ Reuters، “Sudan’s Warring Parties Turn to Gold to Finance the Conflict,” يونيو 2023
[49] ⁷ البنك الدولي،2024 World Development Report: Conflict Economies and Illicit Trade، واشنطن،
[50] هيئة الأراضي السودانية، التقرير الفني للعقارات الحضرية، الخرطوم، 2022
[51] ⁹ مركز الدراسات الاقتصادية بالخرطوم، تقييم مخاطر غسل الأموال في القطاع العقاري، 2023
[52] ¹⁰ وزارة العدل، قانون تسوية الأراضي وتسجيلها لسنة 1994، الخرطوم
[53] ¹¹ FATF، Money Laundering through the Real Estate Sector باريس، 2023
[54] ¹² OECD، Property Markets and Illicit Financial Flows، باريس، 2022
[55] ¹³ Egmont Group، Typologies Report on Real Estate Laundering، تورونتو، 2023
[56] ¹⁴ MENAFATF، Guidelines on Real Estate Transactions and AML Compliance المنامة، 2023
[57] ¹⁵ Urban Governance and Anti-Corruption Toolkit واشنطن2021 البنك الدولي
[58] ¹⁶ Chatham House، Illicit Economies and State Capture in Sudan لندن،2024
[59] البنك الدولي واشنطن، 2023، Governance and Economic Recovery in Post-Conflict States ،
[60] ² Chatham House، Illicit Economies and State Capture in Sudan لندن2024،
[61] ³ بنك السودان المركزي، تقرير وحدة المعلومات المالية، الخرطوم2022
[62] ⁴ IMF، Financial Stability Assessment for Sudan واشنطن2022،
[63] OECD، Illicit Financial Flows: The Economy of Corruption and Laundering باريس، 2022
[64] ⁶ البنك الدولي، Sudan Economic Update 2024، واشنطن، 2024
[65] ⁷ مركز الدراسات الاجتماعية بالخرطوم، تأثير الاقتصاد الموازي على العدالة الاجتماعية، 2023
[66] ⁸ UNDP، Poverty and Inequality in Conflict-Affected States نيويورك2023، 2023
[67] ⁹ البنك الدولي، World Development Indicators 2024: Sudan Chapter واشنطن2024،
[68] ¹⁰ IMF، Sudan Staff Report 2024 واشنطن2024،
[69] ¹¹ The Sentry، Conflict Gold and Illicit Trade in Sudan واشنطن، 2024.
[70] ¹² UNODC، National Strategies to Counter Money Laundering in Fragile States، فيينا، 2023
[71] UNODC، Asset Recovery Handbook: A Guide for Practitioners فيينا، 2022
[72] ² ، Illicit Financial Flows and Hidden Assets in Developing Countries البنك الدولي واشنطن، 2023
[73] الأمم المتحدة، اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد UNCAC نيويورك2003،
[74] ⁴ World Bank & UNODC، StAR Initiative: Challenges and Opportunities واشنطن، 2022
[75] ⁵ OECD، Recovering Stolen Assets: Principles and Practices باريس2022
[76] Nigeria-Switzerland Asset Recovery Agreement واشنطن2006، البنك الدولي،
[77] ⁷ Swiss Federal Court، Decision on Marcos Assets Case برن، 2003
[78] ⁸ الحكومة التونسية، تقرير لجنة استرداد الأموال المنهوبة 2014، تونس، 2014
[79] ⁹ Transparency International، Egypt: Stolen Assets Recovery and Challenges برلين2019
[80] ¹⁰ UNDP، Rule of Law and Anti-Corruption Frameworks in Post-Conflict States نيويورك2023،
[81] ¹¹ بنك السودان المركزي، تقرير وحدة المعلومات المالية 2023، الخرطوم، 2024
[82] ¹² Chatham House، Sudan’s Legal Reforms and Governance Gaps لندن2024،
[83] ¹³2022 IMF، Asset Recovery and Fiscal Governance in Fragile Economies
[84] ¹⁴ UNODC، Restoring Trust through Asset Recovery, فيينا، 2023
[85] ¹ البنك الدولي،، واشنطن،2023 Governance and Anti-Corruption Framework for Fragile States
[86] ² Chatham House، Illicit Economies and State Capture in Sudan لندن2024،
[87] ³ The Sentry، Conflict Gold and the UAE Connection: Sudan’s Hidden Finances واشنطن، 2024
[88] Sudan Staff Report: The Macroeconomic Impact of War and Illicit Trade، واشنطن، 2024
[89] ⁵ UNODC & World Bank، StAR Initiative: Recovered Assets for Development فيينا–واشنطن2023
[90] ⁶ بنك السودان المركزي، مشروع إعادة هيكلة البنك المركزي وتطوير وحدة المعلومات المالية، الخرطوم2023،
[91] ⁷ FATF، Artificial Intelligence and AML/CFT Supervision in Financial Systems
[92] ⁸ UNDP، Post-Conflict Reconstruction and Financial Governance نيويورك2022،
[93] Restoring State Capacity and Fiscal Integrity in Sudan⁹ البنك الدولي واشنطن، 2024



آخر التعليقات