الخميس, مايو 22, 2025
الرئيسيةفي الاقتصاد السياسي السودانيبحوث ودراساتثقافة الاستثمار الامريكية جانب من تاريخية علاقتها بالاقتصاد السوداني
- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شيوعاً

آخر التعليقات

ثقافة الاستثمار الامريكية جانب من تاريخية علاقتها بالاقتصاد السوداني

مقدمة :

يرتبط تاريخ العلاقة الامريكية بلاقتصاد السوداني و يرجع ـ في ذهن الكثيرين ـ الي ما يعرف بالمعونة الامريكية في ستينيات القرن العشرين المنصرم،إذ لا إرتباط و لا رجوع لذلك التاريخ في ذهنهم إلي ابعد من ذلك ـ اي من العونة ـ و التي تجلت في إنشاء عدد من الطرق المعروفة ـ الخرطوم جبل اولياء ،بحري الجيلي ، امدرمان وادي سيدنا، و جزءاً كبيراً من طريق الخرطوم مدني ،و كذلك قيام بعض المنشآت كمساكن و داخليات في جامعة الخرطوم،

و بعض المصانع، كمصنع النسيج…الخ.جوبهت تلك المعونة بمعارضة وصوت مضاد ، خاصة من اليسار السوداني ، و ذلك بحسب ان لها ـ اي المعونة ـ وجهها و بعدها السياسي. و لكن في حقيقة الامركانت هناك بدايات بعيدة و لعلاقاتٍ قديمة، رغم محدوديتها، كما اشار بعض الكتاب، إلا ان ما ترتب عليها ـ اي علي تلك العلاقات ـ ، و ما نتج عنها علي المستوى الاقتصادي السياسي في السودان بشكل عام، كان بالغ الاثر ، هذا إذا ما نظرنا الي ـ مثلاًـ  مشروع الجزيرة بإعتبار انه كان نتاجاً مباشراً لتلك المبادرة الإستثمارية، امريكية المنشأ.

إضــاءة تاريخيـــة/

عندما إنهزمت الدولة الوطنية بانهيار التجربة المهدية، قامت دولة المستعمر في حكمها الثنائي بديلاً لها ، دخل السودان فترةً جديدة كليةً في تاريخه، ليس السياسي فحسب، و إنما الاقتصادي. كانت بداية الارتباط بالنظام الاقتصادي العالمي إبان الحكم التركي ـ المصري، حيث عرف الاقتصاد السوداني ظهور السلع النقدية لاول مرة، “وكانت الزراعة في السودان اساساً من اجل انتاج المحاصيل المعيشية، فأدى إدخال المحاصيل النقدية الي نقلة كبيرة في الزراعة السودانية، إذ اصبح المزارع ينتج محصولات للسوق بدلاً من انتاجها لاستهلاكه و اصبح يتعامل بالنقود.”(1).  كانت تلك الخطوة، هي الاولى في الارتباط و الاندماج بالافتصاد الراسمالي العالمي. أما الخطوة الثانية، فجاءت إثر قدوم الاستثمار المتعدد الجنسيات و الامريكي المنشأ، و المتمثل في شركة السودان للزراعة التجريبية
The Sudan Experimental Plantations Syndicate, (SEPS).
التي ظهرت في اول سنوات الحكم الثنائي و ذلك في عام 1904م، و التي تحولت فيما بعد اليالشركة الزراعية السودانية The Sudan Plantation Syndicate (SPS).
قبل تناول تركيبة رأس المال المساهم في تلك الشركة بالتفصيل ، لابد من الاشارة الي انه كان يتضمن راسمال امريكي، راسمال بريطاني، و راسمال فرنسي، و كانت الفكرة الاساسية من ابتدار المستثمر الامريكي “لي هنت”. ولقد كان تفاعلاً استثمارياً حاول ” سيمون مولان”  ان يكشف عن  “كيفية علاقته بالتفسير الراسمالي  للامبريالية البريطانية”(2). و ذلك نص إقتبسه “مولان” ، كما اكد هو ، من ب. ج. كين و أ. ج. هبكنز في مؤلفهما ” الامبريالية البريطانية”.
فصل بين اقتصاد النظام التركي ـ المصري في السودان ، حيث اتسم بظهور السلع النقدية و باستخدام النقود، و بين اقتصاد نظام الحكم الثنائي ، حيث شهد بوادر اول نشاط راسمالي متعدد الجنسيات ، فصل بينهما اقتصاد الدولة المهدية ، و الذي كان اقتصاداً للحرب، و فيه تمحور النشاط الاقتصادي حول موسسة “بيت المال” بفهمه الاسلامي، حيث، ” لم تشهد فترة المهدي اجراءات لتنظيم السوق، و انما كانت هناك بعض المؤشرات العامة. منها تسليم بيت المال كل الاسلحة و الذخيرة و الذهب و الفضة و الماشية و الرقيق. كما ضمت اليه كل المصالح العامة مثل الدكاكين و الوكالات و العصارات و الطواحين و دكاكين الحرفيين.و كان الهدف من ذلك الاجراءاخضاع النشاط الاقتصادي لاحتياجات الحرب. فنحن نشهد بداية الحوار بين الاحتياجات العسكرية الاستراتيجية و الضرورة الاقتصادية. و قاد ذلك الحوار الي مركزية الادارة و لنشاط السوق و لمجمل الحياة الاقتصادية”(3).
جاء النظام التركي ـ المصري معولاً علي ان يكون للتعدين اهمية كبرى ، الا ان مساعي التعدين لم تات اكلها ، ” لقد فشلت محاولات التنقيب عن المعادن لعدة اسباب. لعل اهمها ان المعادن المتوفرة لم تكن بالكميات التي ارتسمت في خيال حكام مصر، اما لانها استهلكت بالتنقيب المستمر عبرسنوات او لان الكميات التي كان حكام مصر يطمحون اليها اكبر من الطاقة المتوفرة”(4). عزز ذلك الفشل الاهتمام بالزراعة من قبل النظام ، كأساسٍ لسياسته الاقتصادية. و لقد اورد د. القدال جزءاً من كتاب لمحمد علي باشا قائلاً فيه،” من اجل تعمير الزراعة في سنار التي فتحناها بجهدٍ كبير نحتاج الي فنيين لهم دراية، فلا تهملوا هذا الامر و الا ستندموا عليه كثيراً”(5).
أما بالنسبة للسياسة الاقتصادية في الدولة المهدية لم يختلف الامر من حيث الاهتمام . فقد كانت الزراعة هي الاهم في ظل اقتصادٍ حربي يحتاج فيه عامة الناس و الجنود علي حدٍ سواء للمؤنة و السند المعيشي، بل ان المهدي خطا متقدماً في موقفه من قضية ملكية الارض حيث كتب ، ” و لا يدعي احدكم وراثة الارض عن ابائه و اجداده لياخذ عنها خراجاً و يقيم هو ساكن فيها لاجل ذلك”(6).  و قد علق د. القدال علي ذلك، صائباً، بقوله “و لم يفرض المهدي تلك السياسة علي الناس فرضاً ، بل توسل اليها بالموعظة الحسنة و الموقف الاخلاقي العام”(7).
إن تعامل المهدي مع قضايا تاسيس الدولة و مقتضيات نشوئها الملحة و بتلك الطريقة ، وصفه محمد ابراهيم نقد بالإشارة الي ان ” جرأة المهدي ، توقد ذهنه ، انه اجتهد في عصر السلفية الآسن. و ما كان اجتهاده كشفاً و اشراقاً غيبياً ، إنما إدراك و إستيعاب لواقع سودان التركية”(8).
خفضت الدولة المهدية الضرائب علي الزراعة، بل و اعفت الناس عنها احياناً. لقد كان ذلك فعلاً إيجابياً ، سيما و انه كانت للسودانيين تجربة ضرائيبية قاسية و مميتة تحت النظام التركي ـ المصري الذي سبق المهدية. إن الملمح الاساس لاقتصاد المهدية هو تدخل “بيت مال المسلمين” كمؤسسة دولة في النشاط الزراعي، و من منطلقٍ مختلفٍ تماماً من حيث انه “ادخل “نظام التزرعة” ، و هو نظام يقوم الناس فيه بزراعة الارض مشاركة مع بيت المال، ثم يقسم المحصول بين المنتج و بيت المال”(9). و هنا لابد من ملاحظة ان هذا الموقف يمثل الاضافة الحقيقة، و في نفس الوقت النقطة ” الفارقة” بين الدولة المهدية كدولة وطنية و دولة الاتراك كسلطة استعمارية.
نهج نظام الحكم الثنائي ذات المسار في شأن إقتصاد السودان، و هو الاهتمام بقضية الزراعة بحسب انها النشاط الاقتصادي المحوري، و كذلك الاهتمام بملكية الارض باعتبارها مفتاحاً لنجاح السياسة الاقتصادية التي تعتمد في الاصل علي الزراعة. كتب الحاكم العام” ريجنالد ونجت” في تقريره في عام 1902م ، ” لا نبحث عن تطور السودان في تجارة الصمغ و لا في تجارة العاج و ريش النعام، و لكن يجب ان نبحث عنه في تطوير المحصول الزراعي للبلاد، وفي تخفيض تكاليف الانتاج حتى يستطيع فائض الانتاج ان يجد سعراً مناسباً في السوق الاوروبي” (10). ووفقاً لتلك النظرة تمت معالجة مسألة ملكية الارض . و لقد اعتبر د. القدال نظام تسجيل الاراضي في ذلك الوقت ” من اهم انجازات الادارة البريطانية”، و ذلك إستناداً الي تحليله القاضي بان ذلك النظام لتسجيل الاراضي وقف حائلاً دون نشوء اقطاعٍ في السودان، لان الدولة اصبحت هي “المالك لكل الاراضي الزراعية و السكنية التي  ليس لها ملكية مسجلة. و اصبح نظام ملكية الارض يقوم علي قانون و علم”(11).
كان القصد من هذه الاضاءة التاريخية المطولة هو تاكيد ما كان محوري و مشترك بين تلك الاقتصاديات الثلاث ، و التي تنتمي الي ثلاثة مراحل تاريخية مختلفة في السودان./ المصري التركي/ المهدبة/ الحكم الثنائي. فما كان متقاسماً بينها هو اعتمادها الزراعة قاعدة اساس يقوم عليها اقتصاد البلاد.

بدء نشــوء العلاقـــة/

إن تأكيد هذه الحقيقة كان لابد منه ، و ذلك لتأكيد ان اهمية الزراعة بالنسبة للاقتصاد في بلاد السودان لم تكتشفها  شركة السودان للزراعة التجريبية ، او حتى عندما تحولت لاحقاً الي الشركة الزراعية السودانية، و لا مؤسسها الامريكي “لي هنت” ، الذي حدث ان تجول في السودان قبل اطلاقه لمشروعه. إن “لي هنت” لم يات بما لم تات به الاوائل، و انما جاء بوجهة جديدة لادارة “الاهتمام” الاقتصادي، ذلك الاهتمام التاريخي بالزراعة في بلاد السودان، و ذلك بان فتح طريقاً للاستثمار الراسمالي المتعدد المصادر ـ الجنسيات ـ ، و هذا هو الجانب الامريكي في المسألة كلها ـ جانب راسمالي صميم ـ ، و هو ملمح لثقافة الاستثمار الامريكية التي إنتمي اليها ، بل و خرج من احشائهاالمستثمر الامريكي “لي  هنت”.
فمنْ هو “لي هنت”؟
هو “سميث جيمس هنت”. ولد في 11 اغسطس 1855م في ولاية إنديانا ، كان الاكبر بين اثني عشر اخٍ و اخت. ترجع جذور عائلته الي ولاية نيو جرسي ، حيث هاجر منها جده الاكبر في عام 1808م الي ولاية  كارولاينا الشمالية ، ثم هاجر جده لابيه الي مقاطعة وين في ولاية إنديانا. إمتلك جده ارضاً مساحتها 1250 هكتاراً ، إشتراها بواقع دولار و ربع للهكتار الواحد.
عمل “سميث هنت” او “لي هنت”، بعد ان اصبح يحمل هذا الاسم، في سلك التعليم. صار مدرساً و عمره سبعة عشر عاماً. تدرج حتى غدا مديراً للمدرسة الثانوية و مديراً لمعهد تدريب المعلمين ،في ذات الوقت، في مدينة كولومبيا.كانت له علاقات مميزة و منتقاه في وسطٍ من رجال الاعمال الناجحين و من المصرفيين و المحامين و المهنيين، اوطدها كانت علاقته مع “توماس آر مارشال” ، و الذي اصبح فيما بعد نائباً للرئيس “وودرو ويلسون ” في عام 1913م. ما كان يجمعه بـ”توماس” ـ علي حد قول  لورانس راند ـ انهما جمهوريان وفيان.
من خلال ذلك الوسط جاءت ـ و بشكل خاص ـ معرفة “لي هنت” الاولى لامكانيات الاستثمار، إذ بدأ الاستثمار و هو لا يزال في سلك التدريس .استثمر في شركة للآلات الطابعة ، و لكن مشروعه فشل. و لكن برغمه تمسك بقناعاته التي اصبحت متوطدة بضرورة الاعمال التجارية و بضرورة ممارسة  الاستثمار للحد الذي جعله يسعى الي ” غرس المبادئ الرأسمالية في تلاميذه ، و ذلك بان قام بتقديم  نظامٍ بنكي في مدارسه”(12).
صار “لي هنت” رئيساً لكلية ايوا الزراعية في ايميس ، و هي تعرف اليوم بجامعة ولاية  ايوا. لابد من الاشارة هنا  الي ان في هذه الجامعة تخرج الزعيم السوداني الراحل ” د. جون قرنق دي مبيور”، حيث حصل فيها علي درجة الدكتوراة، كما وتخرج فيها بروفسور ” فرح حسن آدم”، و هو يعتبر واحد من الرواد الذين اسسوا للكتابة العميقة في ادب الاقتصاد الزراعى في السودان.. هذه الكلية اسسها المشرعون في ولاية ايوا في عام 1869م.  و من الملفت انه جاء في مرسوم تاسيسها ، انها اسست لاجل ان تقدم “تعليماً جديدًا لعصرٍ جديدٍ” !!!(13). فقط لنا ان نتامل منذ متى كان يتحدث المشرعون و ولاة الامر في بلدٍ مثل امريكا عن وجوب تقديم تعليمٍ جديد لمواكبة عصرٍ جديد!!!. فالتطور ، بالقطع، لا يمكن ان يكون هبة من السماء!!!.
اصبح “لي هنت” ناشرًا، و واحداً من مجموعة تملك جريدة شهيرة في مدينة سياتل ، و هي ” سياتل بوست انتليجنسا”. و كانت هذه المجموعة تضم حاكم المنطقة، اثنين من رجال البنوك، طبيب ، و رجل اعمال في مجال الصحافة.
عمل”لي هنت” في مجال العقارات فساهم في تنمية و تطوير مدينة سياتل بولاية واشنطن، و ذلك بتشجيعه لعدد من المستثمرين النافذين من امثال البريطاني “بيتر كيرك” المستثمر  في مجال مناجم المعادن و الحديد، حيث اسس معه و بعض رجال الاعمال الآخرين شركة ضخمة براسمال بلغ  1,500,000 دولاراً،و قد عرفت  بشركة كيركلاند للاراضي و الاصلاح.
. ان وجود “لي هنت ” في مدينة سياتل يعتبر نقطة تحول في نضوجه كمستثمر ،  إذ  راكم خبرة ثرة ، و تجربة زاخرة في مجال تجميع المساهمين و إقناعهم، بل انه اصبح متخصصاً في ذلك المجال الاقتصادي الحيوي. و بقراءة سريعة لسجل نشاطه كمستثمر نجد انه قام كمساهم اساسي و كمالك، بتأسيس وبانشاء العديد من المؤسسات التجارية و الاستثمارية، منها :
1/  شركة مقاطعة كنج  للاستثمار ، براسمال 50,000 دولار.
2/ شركة القروض و الضمان، و هي بنك خاص ، براسمال 50,000 دولار. إرتفع راسماله خلال سنتين (1887-1889) الي 200,000 دولار.
3/ شركة كيركلاند للاراضي و الاصلاح في عام 1888م ، و براسمال 1,500,000 دولار، و عقدها كان نافذاً لمدة خمسين عاماً.
4/ شركة ديني للفنادق براسمال 196,000 دولار.
5/ شركة غرب سياتل لاصلاح الاراضي براسمال 1,500,000 دولار.
6/ شركة سياتل و الجنوب لسكك الحديدية براسمال 700,000 دولار.
7/ شركة سياتل للصلب و التصنيع في 1889م براسمال 100,000 دولار.
8/ شركة الغرب الكبرى للحديد و الصلب براسمال 750,000 دولار.
و
9/ شركة الرد كلاود في مرتفعات مونت كريستو في عام 1891م.

لم يتوقف “لي هنت” علي حال كونه مستثمراً و حسب، بل انه كان سياسياً نشطًا ، و عضواً نافذاً في الحزب الجمهوري علي مستوى المدينة و الولاية. عُرف باستخدامه الجرئ لنفوذه السياسي و الاقتصادي و الاعلامي كمالك لجريدة نافذة ، و قد كان يفعل ذلك بدأب و مثابرة.
كانت له علاقات استثمارية لصيقة مع كبار الراسماليين في الولايات المتحدة ، من امثال “جورج بريسكوت”، “توماس ايوينق” من سان فرانسسكو، المليونير “جاشوا سيرز” من بوسطن و” جون د. روكفلير”، و آخرين.
هذه هي ، و بتحديدٍ شديد، البيئة التي انتجت، بنجاحاتها و بفشلها، “لي هنت”، و التي خرج منها ليخوض تجاربه الاستثمارية علي مستوى العالم في الصين ، و كوريا و السودان، و هو مشحونٌ بطموحٍ راسمالي  طاغٍ ، و في زمن كانت تتطلع فيه عيون الراسمال العالمي، و بفتنةٍ، الي اختراق الحدود و الحجب.
كشف اللورد كرومر ، القنصل السامي لبريطانيا في مصر، في تقريره عن السودان في عام 1902م عن خطته لاعادة بناء الاقتصاد السوداني ، و التي ركز فيها علي ضرورة الاستفادة من الامكانيات الزراعية ، و كذلك العمل علي تطوير بنية تحتية لتسهيل تلك الاستفادة.

لفت ذلك التقرير الانتباه الي ما يحتشد من توقعات اقتصادية في مستقبل السودان كمستعمرة. و في ذات الصدد كتب “جون ج. لانق” قنصل الولايات المتحدة في القاهرة الي “ديفيد ج.هيل” مساعد وزير الخارجية الامريكي  في 13 اغسطس 1902م، قائلاً ،”تسعى حكومة السودان بشدة الي تطوير الموارد الزراعية في البلاد علي اسس اكثر ليبرالية لتشجيع راس المال و الهجرة. لقد اصبح السفر الي المدن الواقعة علي النيلين الازرق  و الابيض اكثر ملائمةً إذ يمكن لاي مسافر ان يترحل، في الشتاء القادم، بشكل آمن و مريح ليس فقط بين الخرطوم و امدرمان ، و انما الي فشودة و الي ما بعدها “(14). و كتب مضيفاً ، ” هناك احتياجٌ  للادوات و الآليات الزراعية….عليكم القدوم باكراً لتامين موقعٍ راسخ في  اسواق البلاد”(15).هذه المناشدة المتبصرة من قبل القنصل الامريكي لبلاده لاجل الاستثمار في السودان ، يمكن اعتبارها واحدةً من المحاولات الباكرة في تخليق العلاقة بين الاستثمار الامريكي و مجالات النشاط  الاقتصادي في السودان.
من كل ما ورد يتضح ان امر السودان لم يصبح هماً بريطانياً حصراً لوحده، و انما صار هماً للنظام الراسمالي العالمي باجمعه. ففي ضوء هذه الظروف تقدم المستثمر الامريكي “لي هنت” بمشروعه المتمثل في “شركة السودان للزراعة التجريبية”، و الذي وجد القبول اللازم من “اللورد كرومر” القنصل البريطاني ، و كذلك من الجنرال “ريجنالد ونجت” الحاكم العام في السودان. و لكن  كان علي “لي هنت” ان يقوم بترتيب التمويل اللازم لمشروعه بنفسه، و عند هذا المنعرج التاريخي انفتح الطريق امام التمويل الخاص المتعدد الجنسيات، وذلك بالقطع  امرٌ ليس هناك منْ هو افضل من “لي هنت” لاجل القيام به، و ذلك بحكم خلفيته القوية في هذا المجال ، و هي خلفية تمتد جذورها، دون شك، الي ثقافة الاستثمار الامريكية كما  اوضحنا ذلك فائتاً.
لم يكن تقرير ” اللورد كرومر” سوي تصورٍ و معالجة تركز علي حقائق تاريخية تلخص مكامن القوة في اقتصاد بلاد السودان، و هي مكامن تكشفت خلال الحكم التركي ـ المصري، و كذلك  في ظل المهدية، و هي معالجة ترمي الي نقل النشاط الاقتصادي الي ابعادٍ جديدة تستوعب وتعكس في نفس الوقت تطور النظام الرأسمالي ، باعتباره نظاماً يعتمد  بوجهٍ اساسٍ علي توظيف و اعادة توظيف الفائض الاقتصادي و من ثم استغلاله. كان مجال الزراعة في بلاد السودان هو الانسب لتحقيق ذلك الفائض و من ثم الانسب لتحقيق التحول علي كل المستويات ، و ليس علي مستوى البلاد كمستعمرة ، و انماعلي مستوى علاقتها كطرف ملتحقٍ بالمركز. هذا الاستخلاص مرتبطٌ بجدلية العلاقة بين مفهومي الفائض و التحول. فكما هو معلومٌ ان الفائض يؤدي الي التراكم، و التراكم ما هو الا واحدٌ من عوامل حاسمة تشكل ميكانزم  التحول.
وضع “لي هنت” الاستثمار في الزراعة ـ خاصة  القطن ـ في مركز اهتمامه برغم مما راكمه من تجارب للاستثمار  في مجالات اخرى ، كالتعدين ، و العقارات و البنوك. فبعد منحه الامتياز للاستفادة من مساحة 10,000 فدان لقيام مشروعه لزراعة القطن في الزيداب ، جنوب عطبرة،شرع “لي هنت” في الاتصال بالمساهمين الذين رشحهم بنفسه للدخول في ذلك المشروع. لابد ، هنا ،  من الاشارة الي حقيقة ان بلاد السودان عرفت زراعة القطن قبل ذلك بزمنٍ طويل،و في ذلك يقول د. القدال، “و اهتم الاتراك بالقطن ، و كان القطن يزرع في السودان في حدود ضيقة للاستهلاك المحلي في السوق الداخلي المحدود.و قد تنبه محمد علي للقطن السوداني منذ وقتٍ مبكر”(16).
تقدم “لي هنت” بمقترحٍ تمويلي الي “ورنر” ، “بيت”، و “ليونيل فيليبس” من مجموعة  ورنر ـ بيت في لندن. و كان ان كتب اليهم من قبل مشجعاًن ” لم ار قط فرصة للكسب الكبير ، كهذه، وباقل المخاطر”(17). اقترح لهم قيام شركة براسمال يعادل 600,000 جنيه استرليني. وافقت مجموعة ورنر ـ بيت علي قيام الشركة ، و هي شركة السودان     The Sudan Experimental Plantations      Syndicate,(SEPS)           للزراعة التجريبية و لكنهم  اوضحوا له، ” انهم لا يتفقون مع  تقديراته للاستثمار في السودان”(18). كان الاتفاق النهائي  ان يكون راسمال الشركة 80,000 جنيه استرليني فقط، و هي قيمة 80 الف سهم سيكتتب في الشركة. و كان العدد الكلي للمساهمين سبعة عشر مساهماً، ثمانية منهم في لندن، ستة من نيويورك في الولايات المتحدة الامريكية، أثنان من آيرلندا، و مساهمٌ واحدٌ من باريس في فرنسا، “هكذا ، فان التعليق الاول حول المساهمين هو وجود ذلك البعد العالمي. و تلك ملاحظة لها قوتها حين النظر الي ان “ليونيل فيليبس” إذ أنه كان  البريطاني الوحيد ضمن المجموعة التي تقيم في لندن”(19).
جاء توزيع الاسهم كما يلي

1/ مجموعة ورنر ـ بيت في لندن ، امتلكت ما مجموعه 41,000 سهماً ، وزعت كالآتي /

– جوليس ورنر 10,500
– ألفريد بيت 10,500
– ليونيل فليبس 5,000
– فريدريك ايكستاين 4,000
– لودفيغ بريتماير 4,000
– شارلس روبي 3,500
– لودفيغ واغنر 3,499
– لويس بلون 1

 

2/ المساهمون الآخرون، إمتلكوا ما مجموعه 39,000 سهماً، كانت كالآتي/

– لي هنت 19,000
– لويجي دي كاستيلون 10,000
– هـ. كليفلاند بيركنز 2,000
– ج. سلوت فاسيت 2,000
– وليم ل. بول 2,000
– د. اوقدن ميلز 1,000
– جيمس ر. موريس 1,000
– سير جون نوتنق 1,000
– ف. سي. بيلكنقتون 1,000

 

( الارقام مأخوذة من لورانس ب. راند).

يلاحظ  ان الفرق بين الراسمال الذي إقترحه “لي هنت”، و هو 600 الف جنيه استرليني ، و الراسمال المكتتب فعلياً و هو 80 الف جنيه استرليني كان فرقاً كبيراً، و لكن برغمه لم يتراجع “لي هنت” عن مشروعه ، و في ذلك يبدو ان تجاربه الاستثمارية المتعددة و الجريئة التي خاضها في بلاده ، خاصةً في مدينة سياتل بولاية واشنطن ، كان لها الاثر الكبير في إنحنائه للعاصفة، و القبول بتلك البداية الاستثمارية المتواضعة مالياً. بل انه و في وقتٍ ما قدم للشركة دعماً من ماله الخاص، وذلك بزيادته ” للمال المتاح بالنسبة للشركة عندما قام بشرائه شخصياً لقطعة ارضٍ من الشركة”(20).
إن لقاء “لي هنت”مع اؤلئك المستثمرين، خاصة مجموعة ورنرـ بيت ، في انجاز هذا المشروع لم يكن صدفة بقدر ما انه كان ضرورة تجلت في ان طموحه كمستثمر قابلته و اكملته رغبة تلك المجموعة و نزوعها للتوسع كمؤسسة مالية راسمالية ، سيما و انه كانت لها استثمارات ذات شأن ، في مجال التعدين، في جنوب افريقيا. علّ ذلك يجيب ، ولو جزئياً ، عما كان يبحث عنه سيمون مولان ، حين كتب قائلاً “إن الراسمال الذي قدمته مجموعة ورنرـ بيت لمشروع شركة السودان للزراعة التجريبية يمثل مظهراً غير عادي”.
أشار سيمون ايضاً الي ان تلك العلاقة بين مجموعة ورنر ـ بيت و شركة السودان للزراعة التجريبية لم تجد حظها في كتابات الباحثين الاقتصاديين في جنوب افريقيا، برغم من تناول  اقلامهم لنشاطاتها، باعتبار انها كانت من اكبر المجموعات المستثمرة في منطقة الترانسفال في جنوب افريقيا.
هناك واحدة من القضايا المهمة التي ارتبطت بمشروع شركة السودان للزراعة التجريبية الاستثماري ، و هي قضية إستقدام الامريكان السود او الامريكان الافارقة الي السودان. نحاول إضاءة تلك القضية هنا لا لاهميتها التاريخية فقط، و انما لافراغ ذلك  التأويل الجانح المرتبط بحدوثها اصلاً.
فكر “لي هنت” في تخديم الامريكان السود و ناقش فكرته تلك مع “بوكر واشنطن”رئيس معهد تسكيجي ، ذلك المعهد الخاص بالامريكان السود ،و الذي  اسسه” بوكر واشنطن” بنفسه في عام 1881م بولاية الاباما في جنوب الولايات المتحدة الامريكية . عرض “لي هنت” الفكرة ايضاً وناقشها مع الرئيس “روزفلت” و ذلك في زيارة خاصة قام بها الي البيت الابيض، و كان ان استحسنها” رزفلت”، ـ اي فكرة تخديم الامريكان السود في السودان ـ.
كانت الفكرة هي محاولة للمساهمة الجزئية في ايجاد حلٍ لاجل تحسين الوضع المذري للامريكان السود الذين يمكن ان يتم تخديمهم عن طريق شركة السودان للزراعة التجريبية بمنطقة الزيداب في السودان. كان “لي هنت” يفكر في الامر بشكلٍ راسمالي واضحٍ و صريح ، لا لبس فيه، و هو انه لم يكن يسعى الي تلك المساهمة في الحل من خلال عملٍ خيري، و انما يسعى اليها في اطار جدوى عملٍ تجاري ونشاطٍ استثماري. و قد كتب، في هذا الصدد، الي جيمس س. كلاركسون قائلاً، ” …و اخبرك عزيزي الجنرال ان مصير الزنجي البائس سيكون رهيناً بين رحي السياسات الحزبية، و التحامل و الخرافة، ما لم يتم عمل شئ بصدده و وفق اسسٍ جديدة. إني اقدر موقف الرئيس روزفلت تجاه المسألة العرقية، الا انني لا ارى بصيص امل بالنسبة للزنجي من خلال قنوات السياسات الحزبية، و لا من خلال العمل الخيري. فإن كان لابد من عمل شيئ  و بطريقة ناجحة فيجب ان يكون وفقاً لاسس و مقتضيات الاعمال التجارية، و من جانبي اري انني قد وضعت تلك الاسس”(21).
و مما يؤكد ان “لي هنت” كان واعياً بمصالحه كمستثمر رأسمالي في المقام الاول، و ليس داعية لتأسيس عملٍ خيري ، هو ما كتبه للورد”كرومر” حول مسألة إستقدام الامريكان السود إلي السودان،”…في عمل ذلك ، فانما احاول تحسين فرصنا الاستثمارية” و إلي ان يقول ،” و لكني لا اصر علي ان يكون قبول الزنوج كأمر لا غنى عنه في هذا المقترح”(22). بـ”المقترح” يرمي “لي هنت” الي مشروع شركة السودان للزراعة التجريبيةـ الكاتب ـ. فبناءا علي هذه الافادات الواضحة يصبح من غير الواقعي محاولة تضخيم ما كان سيقوم به “لي هنت” في هذا المضمار و ذلك كأنما كان الهدف من مشروعه الاستثماري في السودان هو تقديم حلٍ ناجع لقضية الامريكان السود !!!.
إن العبودية ـ وقتها ـ كانت تمثل مؤسسة اصيلة في تركيبة الدولة الراسمالية الامريكية إذ انه ما كان من الممكن لها ان تُحل بهذا الترياق الطوباوي المتصور، بقدر ما انها كانت تستدعي الحل في اطار الصراع الداخلي في الولايات المتحدة ، و من خلال إعادة تشكيل البني السوشيو ـ سياسية . بالفعل كان ذلك صراعاً طويلاً و دامياً اخذ عقوداً بعد ظهور “لي هنت” و مشروعه. و بالفعل نجح ذلك الصراع الذي خاضته قطاعات واسعة من المجتمع الامريكي في تحقيق الحريات المدنية و الحقوق الاساسية للاقليات و التي كان من ضمنها الامريكان السود.
أدار “لي هنت” شركة السودان للزراعة التجريبية طيلة سنواتها الاولى حتى تقديمه لاستقالته منها في عام 1907م، و حلّ محله “دونالد بيترسون ماكلفيري” الذي باعه “لي هنت” جزءاً من اسهمه. إحتفظ “لي هنت” ، بعد استقالته ، بعضويته في مجلس الادارة، و كذلك بملكيته لـ “110″ فدان من الاراضي في “بري  المحس”. لابد من ذكر انه و في نفس الاجتماع الذي قّبِلت فيه إستقالة “لي هنت”تم تغيير اسم  “شركة السودان للزراعة التجريبية” الي “الشركة الزراعية السودانية المحدودة”.
Sudan Plantations Syndicate (SPS (
و هي الشركة التي كان لها الدور الاساس في إنشاء مشروع الجزيرة.

قامت الادارة الجديدة للشركة باجراءات حاسمة بان استبدلت نظام المرتبات للمزارعين، و الذي كان معمولاً به في مشروع الزيداب آنذاك ، حيث  كانت اجرة المزارع تساوي 8 سنتات فقط  في اليوم ،إستبدلته بنظام تأجير الارض لهم مع دفعهم لتكلفة المياه و من ثم  احتفاظهم بحقهم في المحاصيل. و نتيجة للسياسات الجديدة نمت الشركة و توسعت حيث شملت اراضي جديدة في منطقة طيبة بالجزيرة.ساهمت الشركة، و كما سلف ذكره، في بلورة و تحقيق فكرة مشروع الجزيرة، بل انها اصبحت شريكاً اصيلاً فيه بعد ذلك و لمدة خمسة و عشرين عاماً. حصلت الشركة الزراعية السودانية علي امتيازاتٍ خاصة بوصفها شريكاً في المشروع، حيث ” اعطت حكومة السودان الحماية لامتياز الشركة الزراعية السودانية و المتمثل في حصولها الاحتكاري علي الارض،و ذلك في مقابل ما وفرته الشركة الزراعية السودانية لحكومة السودان من شبكة معقدة للتمويل العالمي، و من مستثمرين افراد ، كانت لهم الحمية و الرغبة في تحمل مخاطر الاستثمار الي حدٍ يفوق حماس الحكومة السودانية نفسها”(23). و هذه الشبكة العالمية التي يتحدث عنها “مولان”، فإن فضل تأسيسها و جعلها متاحة يرجع الي المستثمر الامريكي”لي هنت” ، و التي  في بداية تاسيسها لم تكن تضم غير مستثمر بريطاني واحد ، و هو “ليونيل فيليبس”، من جملة المستثمرين السبعة عشرالذين اسسوا فيما عرفت في تارخ الاقتصاد السوداني  بشركة السودان للزراعة التجريبية، تلك التي لعبت فيما بعد ، و تحت اسمها الجديد الشركة الزراعية السودانية، دوراً غير مسبوق في تطوير و إدارة مشروع الجزيرة علي اسسٍ ضمنت إلحاقه بالنظام الرأسمالي العالمي، و خاصةً، بمركزه العتيد في بريطانيا. وتلك علاقةٌ ، كان “توني بارنت” محقاً حين نظر اليها من زاوية انه ” في ظل الراسمالية كنظام للانتاج هناك صراعٌ بين مصالح المجتمعات التي تعتمد في انتاجها البسيط  علي العمل الرخيص و بين مصالح المجتمعات التي تعتمد في انتاج سلعها علي توظيف قدرٍ كبيرٍ من الرأسمال.ففي هذا الاطار يتوجب فهم إختيار و إستمرار زراعة القطن في السودان”(24). و ذلك فهمٌ يرجع ـ كما اشار الكاتب نفسه ـ في اصله الي ” اندريه قوندر فرانك”، الذي كان يشدد علي وجود صراع دائم للمصالح بين العمل و الرأسمال في ظل ا

لنظام الرأسمالي

قبل ختام هذه الورقة لابد من اشارة مهمة ، و هي ان النزعة الجامحة لاجل خصخصة مشروع الجزيرة، و الشهية المفتوحة باستمرار لابتلاعه ترجع في اصلها الي تلك الامكانيات التي كشفت عنها تجربة الشركة الزراعية السودانية ، و التي حققت نجاحاً باهراً خلال إدارتها و سطوتها التي مارستها في مشروع الجزيرة حتى وقت نهاية عقدها، حيث تمكن المزارعون ، و بفضل صراعٍ مريرٍ، من التوصل الي صياغة علاقاتٍ للانتاج قلصت فرصة خصخصة المشروع طيلة الستين عاماً الماضية، و ذلك بقطعها الطريق امام الراسمالية السودانية من ان ترث الراسمالية العالمية المتعددة الجنسيات، و التي عبرت عنها الشركة السودانية للزراعة التجريبية و من بعدها الشركة الزراعية السودانية، هذا رغم ان الراسمالية السودانية نفسها لم تكن متشكلة او ذات نفوذٍ يذكر في ذلك الوقت، اي مطلع خمسينيات القرن المنصرم. و لكن برغمه،ما زالت نار الخصخصة تستعر من تحت السطح، و ذلك بفضل سياسات المركز المنحازة في جل وقتها للراسمالية و تطلعاتها. و قد بلغ سيل ذلك التطلع الزُبى في ظل سلطة الراسمالية الاسلامية الطفيلية التي تحكم حالياً.

في الخـتـــــــام

في الختام، و بالاستناد الي تجربة شركة السودان للزراعة التجريبية ،  التي  ساهمت في بلورة فكرة، بل وقيام مشروع الجزيرة الذي يمثل اكبر المشاريع  الزراعية، ليس في السودان و حسب، و إنما علي نطاق بلدان العالم الثالث ، نامل في ان نكون قد اضئنا جانباً من تاريخية علاقة ثقافة الاستثمار الامريكية، التي لعبت دوراً في تأسيس تلك الشركة الزراعية ،   بالاقتصاد السوداني، و بالتالي باقتصاده السياسي الذي شكلت دينامية القطاع الزراعي بشكل عام، و مشروع الجزيرة بشكلٍ خاص، جزءاً كبيراً من ملامحه.

 

(*) إقتصــــادي ســـوداني مقيم في الولايات المتحدة/ عـضــــــو جمعية الاقتصــــاد الامريكيــــة
المراجــع/
(1)د.محمد سعيد القدال،”تاريخ السودان الحديث 1820م ـ 1955م” ، ص 77.    

(2)سايمون مولان، “منتجٌ بالنسبة للدولة و التجارة ـ تمويل الاعمال التجارية في السودان الانجليزي / المصري”، ورقة قدمت في جامعة دورهام في بريطانيا.

(3)د. محمد سعيد القدال، مصدر سابق، ص 179.

(4)د. محمد سعيد القدال، مصدر سابق، ص 71.

(5)د. محمد سعيد القدال، مصدر سابق، ص 75.

(6) أورده د. محمد سعيد القدال ، ص 176.

(7)د. محمد سعيد القدال ، مصدر سابق، ص 176.

(8)محمد ابراهم نقد،”علاقات الارض في السودان”، ص 84.

(9)د. محمد سعيد القدال، مصدر سابق، ص 178.

(10)اورده د. محمد سعيد القدال ، ص 253.

(11)د. محمد سعيد القدال، مصدر سابق، ص 256.

(12)لورانس بـ. راند،” الرهانات الكبرى ـ حياة و عصر لي س.جي. هنت” ص 11.

(13)لورانس بـ. راند، مصدر سابق، ص 17.

(14)لورانس بـ. راند، مصدر سابق، ص 179 .

(15)لورانس بـ. راند، مصدر سابق، ص 179 .

(16)د. محمد سعيد القدال، مصدر سابق، ص 77.

(17)اورده لورنس بـ. راند، ص 215.

(18)لورانس بـ. راند ، مصدر سابق، ص 215.

(19) سايمون مولان ، مصدر سابق.

(20)سايمون مولان ، مصدر سابق.

(21)لورانس بـ. راند، مصدر سابق، ص 184.

(22)لورانس بـ. راند، مصدر سابق، ص 189 ـ 190.

(23)سايمون مولان ، مصدر سابق.

(24)توني بارنيت ، ” مشروع الجزيرة ـ وهمٌ للتنمية “، ص 20.

مواضيع متعلقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

التخطي إلى شريط الأدوات