بسم الله الرحمن الرحيم
أثمان باهظة يدفعها السودان نتيجة لإنقلاب 25 أكتوبر 2021 – (القطاع الزراعي)
بقلم / عبد المنعم الحويرص
E-mail: elhoweris@gmail.com
Twitter: @AMSElhoweris
Facebook: Moneim Elhoweris
المُقدمة:
تحدث معي العديد من الحادبين والأصدقاء والزملاء حاثين لي بضرورة الكتابة وإلقاء بعض الضوء ثم الشرح والتوثيق للمِهام التي اُوكِلت إليّ “مع آخرين يعملون داخل وخارج وزارة الزراعة”، وما قمنا بإنجازه من أعمال ضمن مِهام أخرى تم الإعداد لها ومن ثم تنفيذها بوزارة الزراعة والغابات الإتحادية – الخرطوم ورئاسة مجلس الوزراء، إبان فترة عملي مستشارآ للتنمية الزراعية الشاملة والتحول الزراعي.
كنت مترددآ وعازفآ عن الكتابة في هذه المواضيع والمِهام والإنجازات لعُدة أسباب أُجمِلها في التالي:
- أتى إنقلاب الخامس والعشرون من أكتوبر 2021 لينسف عملآ دؤوبآ ومخلصآ إستمر لأكثر من عامين، قام به العديد من أبناء الوطن المتخصصين والمخلصين، وبقيادة عارفة ومطّلعة على دروب ووسائل تحقيق التنمية المُستدامة للقطاع الزراعي ومن ثم الاقتصاد الكلي السوداني.
- تباعدت المواقف بين قِوى الثورة بعد الإنقلاب، والتي كان من المفترض أن تتوحد، بل وأن تعمل كمجموعة لهزيمته ومن ثَم العودة لإكمال مهام الفترة الإنتقالية، حيث بدأت حروب الإتهامات الجزافية والتخوين، مما سمح لقوى الإنقلاب أن تتمدد وتتمادى في بسط نفوذها، والعمل قصدآ أو دونه في تحطيم الأسس التي تم وضعها للإنطلاق في دروب التنمية الشاملة والتحول في قطاعي الزراعة والثروة الحيوانية وبالضرورة الإقتصاد الكلي.
- عضد ذلك إنغلاق في الأفق وغياب للبوصلة للعديد من الفاعلين السياسيين وللعديد من السودانيين ربما، والإحساس بتلاشي الآمل في العودة للدولة المدنية والتي يحلمون بها.
لكن توقيع الاتفاق الإطاري في الخامس من ديسمبر 2022، والخطوات اللآحقة والمستمرة حتى اليوم، “والعزوف المُعلن” للعسكر عن السلطة وِفقآ لإعلان البرهان في الرابع من يوليو 2022، وحميدتي في الثالث والعشرين من يوليو 2022، بعث الكثير من الآمال بأن نيل أهداف ثورة ديسمبر المجيدة، وتحقيق تغييرٍ كبيرٍ وإيجابيٍ نحو “الدولة المدنية الديمقراطية” – والتي ضحى شبابٌ غضٌ من أبناء الوطن بأروآحهم من أجلها – قد أصبح ممكنآ.
كل ذلك حتم عليّ أن أستجيب وأحقق رغبة الأصدقاء والزملاء، وأن أبدأ في كتابة تجربتي الصغيرة والقصيرة بوزارة الزراعة والغابات الإتحادية خلال الفترة (مارس 2021 – مارس 2022)، لربما يفتح ذلك نافذة أمل للعديد من الحادبين من الخبراء والمتخصصيين في العودة إلى ما تم القيام به، تقييمه والسير به إلى الأمام لتجويد ما به من إنجازات، بدعم الإيجابي منه وتعديل الغير إيجابي، ومن ثم البناء على ما قامت به وزارة الزراعة والغابات ورئاسة مجلس الوزراء والوزارات والمؤسسات الأخرى من أعمال كبيرة خلال فترتي حكومة الدكتور عبدالله حمدوك الأولى والثانية. وهنا يجب عليّ الإقرار بتقصيري في القيام بذلك مبكرآ، للأسباب التي ذكرتها سابقآ ولأسباب أخرى.
وهذه دعوة مخلصة مني لآخرين عمِلوا بإخلاص وجِد في وضع الأُسس لإنتقال السودان نحو دروب التنمية والتحول، أكاد أجزم بأن هنالك العديد منهم بدأ عملآ مخلصآ نحو تلك الأهداف، وقطع شوطآ طويلآ في ذلك الدرب، منهم من كان يعمل في وزارات ومؤسسات وهيئات ومشاريع. لكن أتى إنقلاب 25 أكتوبر 2021 ليُوقف ذلك العمل والجهد. وارجو صادقآ أن يقوموا بكتابة تجاربهم بنجاحاتها وإخفاقاتها، حتى يتثنى للسودانيين التعرف على الأعمال الكبيرة التي توقفت بسبب الإنقلاب!
كما يجب على السودانيين العاملين في كل مؤسسات الدولة ووزاراتها وعلى جميع المستويات أن يقوموا بإحياء سنة تقديم تقاريرعن كل وآجب ونشاط يقومون به، كما هو حادث الآن في كثير من دول العالم ومنظماته، وذلك بالعمل مستقبلآ على إنشاء وتطبيق نظامآ مشابهآ لما اُطلِق عليه تقارير ما بعد العودة إلى المكتب (Back To Office Reports [BTOR]).
يجب التنويه بأن الدافع الأساسي لهذا السرد هو تمليك عموم الشعب السوداني لحقائق ونتائج مجهودات وأعمال وخطوات كبيرة تم السير فيها، من أجل تحقيق أهداف قومية كُبرى وعظيمة، بوصلتنا فيها تجارب دول قريبة وبعيدة وضعت إستراتيجيات وخطط وبرامج تم تحقيقها بالتخطيط والتنفيذ والمتابعة فالمساءلة. لكن وبكل أسف تم تعطيل وإيقاف تلك المجهودات الكبيرة بحدوث إنقلاب 25 أكتوبر 2021. |
ويجب التنويه أيضآ: قد يجد البعض قليل من العنَت في متابعة وربما في فهم بعض الإختصارات والمصطلحات المرتبطة بعلم الزراعة، الثروة الحيوانية والإقتصاد في هذا المقال! أرجو قبول إعتذاري عن ذلك، لكني وجدت إنه سيكون من الصعوبة بمكان توضيح فكرتي دون إيراد تلك المصطلحات والإختصارات.
ولكي تصل الرسالة كاملة للسادة الخبراء والمهتمين خاصة والسادة القراء بصفة عامة، قمت بتقسيم ما أود إستعراضه كمقُدمة وأربعة أجزاء على النحو التالي:
- مهام من واقع تعاقدي مع وزارة مجلس الوزراء ووزارة الزراعة والغابات الإتحادية، وتشمل العمل مع وزرارة الزراعة والغابات الإتحادية والولايات لدراسة والتعرف على المعوقات التي أدت إلى عدم مقدرة السودان من تنفيذ مطلوبات البرنامج الشامل للتنمية الزراعية في أفريقيا (The Comprehensive Africa Agriculture Development Programme [CAADP])، ومن ثم وضع التوصيات والأسس المطلوبة للعمل على تصحيح مسار السودان ليلحق بالعديد من الدول الإفريقية التي سبقت السودان في تحقيق أهداف هذا البرنامج.
- تم إدراج إسمي ضمن الأعضاء المشاركين في التحضير للمؤتمر الزراعي القومي (22-25 مارس 2021) والعمل في بعض لجان التحضير للمؤتمر، والمساهمة للمؤتمر بكتابة عرضين، العرض الأول عن ملكية الأرض في السودان، والعرض الثاني عن البرنامج الشامل للتنمية الزراعية في افريقيا. وأيضآ تسميتي عضوآ في لجنة صياغة وترتيب ووضع أسبقيات كتابة توصيات المؤتمر. وكذلك عضوآ في لجنة وضع الإستراتيجية القومية للقطاع الزراعي والمستخلصة من توصيات المؤتمر الزراعي القومي والممولة من منظمة الأغذية والزراعة العالمية (FAO.
- تمت تسميتي نقطة إرتكاز (Focal Person) لوزارة الزراعة والغابات الإتحادية في مداولات وإجتماعات ومن ثم المشاركة في كتابة وثيقة إنشاء وكالة التحول الزراعي والحيواني بالسودان (ٍSudan Agriculture and Livestock Transformation Agency [ALTA])، آخذين في الإعتبار التجربة الإثيوبية (ُEthiopian Agriculture Transformation Agency [ATA]) كمثال يمكن الإستفادة منه.
- وقد أوُكلت إليّ مهام عُدة أُخرى، وكان من أهمها تسميتي نقطة إرتكاز (Focal Person) وزارة الزراعة والغابات، للإشتراك في إجتماعات ومداولات الوزارات والهيئات المستفيدة من منحة مؤسسة التنمية الدولية التابعة للبنك الدولي (WB/IDA)، ورئيسآ للجنة إختيار الخبراء والموظفين الذين سيعملون في المشاريع الممولة من البنك الدولي بوزارة الزراعة والغابات الإتحادية.
الجزء الأول:
مهام من واقع تعاقدي مع وزارة مجلس الوزراء ووزارة الزراعة والغابات الإتحادية، وتشمل قيادة فريق العمل بالوزارة والولايات لتقييم الخطة الوطنية الأولى للإستثمار الزراعي (SUDAN-NAIP) في السودان للأعوام 2016-2020، وتحديد الأسباب والمشاكل التي أدت إلى عدم تنفيذ الأهداف والبرامج، ودراسة والتعرف على المعوقات التي أدت إلى عدم مقدرة السودان من تنفيذ إشتراطات البرنامج الشامل للتنمية الزراعية في أفريقيا (The Comprehensive Africa Agriculture Development Programme [CAADP])، وبوضع التوصيات والأسس ثم العمل على تصحيح مسار السودان ليلحق بالعديد من الدول التي سبقت السودان في تحقيق أهداف هذا البرنامج.
ما أهمية إلتزام السودان وإشتراكه في تنفيذ وتحقيق أهداف البرنامج الشامل للتنمية الزراعية في أفريقيا؟
في مسعىً للاتحاد الأفريقي لإيجاد وسيلة لتحفيز الإنتاج وتحقيق الأمن الغذائي بين سكان القارة، وفي تناغمِ تام مع الأهداف الألفية للأمم المتحدة (Millennium Development Goals [MDGs], 2000-2015)، ولآحقآ أهداف التنمية المُستدامة للأمم المتحدة (Sustainable Development Goals [SDGs], 2015-2030)، وقعّت الدول الأعضاء في الإتحاد الأفريقي في القمة الأفريقية العادية الثانية لرؤساء الدول والحكومات في (مابوتو- موزمبيق 2003)،ومن بينها السودان، إعلانآ بشأن الزراعة والأمن الغذائي، تم من خلاله إعادة الزراعة إلى قمة جدول الأعمال للدول الأعضاء.
فقد أُعُتبِر البرنامج الشامل للتنمية الزراعية في أفريقيا (CAADP) وسيلة لتحفيز الإنتاج وتحقيق الأمن الغذائي بين سكان القارة، لأن إمكانات النمو الاقتصادي الذي تقوده الزراعة في القارة الأفريقية جد هائلة، حيث يقوم البرنامج بالضرورة بالمساهمة بدرجة كبيرة في الحد من اتساع وعمق درجة الفقر، وتحقيق الأمن الغذائي، ورفع المعاناة عن قطاع كبير من السكان، خاصة سكان الريف والمناطق الطرفية في أفريقيا. |
تعهد القادة الأفارقة في إعلان (مابوتو- موزمبيق 2003) بإستعدال عقود من نقص الاستثمار في القطاع الزراعي والإلتزام بتخصيص 10% كحد أدنى من ميزانياتهم الوطنية لقطاع الزراعة سنويآ، لتحقيق نمو زراعي سنوي يبلغ 6٪ كحد أدنى، وإلى إعادة تنشيط القطاع الزراعي بما في ذلك الثروة الحيوانية والغابات ومصائد الأسماك، وكذلك من خلال تمتين وتنفيذ الاستراتيجيات والسياسات الخاصة والتي تستهدف صغار المزارعين وأصحاب الزراعات التقليدية في المناطق الريفية خاصة، ومن خلال تهيئة الظروف لإشراك القطاع الخاص في العملية الإنتاجية. مع التركيز على تنمية القدرات البشرية، إزالة القيود المفروضة على الإنتاج الزراعي والتسويق، تحسين خصوبة التربة، دعم فقراء المنتجين، الإدارة المستدامة للمياه، بناء وتدعيم البنيات التحتية ومكافحة الآفات والأمراض.
يتكون البرنامج الشامل للتنمية الزراعية الشامل في أفريقيا بنسخته الاولى من أربع محاور أو أعمدة:
1. إدارة الأرض والمياه – بزيادة المساحة المزروعة تحت إدارة المياه المُستدامة (الري بأنواعه المختلفة)
2. الوصول للأسواق – بإنشاء وتحسين البنى التحتية كالطرق ومواعين التخزين ووسائل الإتصال والأسواق وتوفير المعلومات الزراعية والتجارية وتسهيل التبادل التجاري 3. توفير الغذاء – بزيادة المعروض من الغذاء ومحاربة الجوع 4. دعم وتقوية البحوث الزراعية والإرشاد الزراعي – بنشر وتطبيق نتائج البحوث والتكنلوجيا (التقانة). |
تكلل ذلك في (مالآبو – غينيا الاستوائية) في يونيو من العام 2014، حيث أكدّت القمة الأفريقية الثالثة والعشرون لرؤساء الدول والحكومات الأفارقة على جدوى مقررات قمة مابوتو 2003 وعلى فاعلية الأعمدة (المحاور) الأربعة الرئيسية للبرنامج الشامل للتنمية الزراعية لقمة مابوتو – موزمبيق 2003، وضرورة تفعيلها والسير بها إلى الأمام. وبالفعل صدرت مقررات قمة مالآبو – غينيا الاستوائية 2014، لإحياء مقررات مابوتو – موزمبيق 2003 تحت العنوان: إعلان مالآبو لتسريع النمو الزراعي والتحول في أفريقيا (Malabo Declaration on Africa Accelerated Agricultural Growth and Transformation [3AGT]).
حيث يمثل برنامج التنمية الزراعية الشامل في أفريقيا في نسخته الثانية (مالآبو- 2014) الوسيلة الفاعلة لتحقيق جهود التحول الزراعي والشرَاكات في أفريقيا، وبه ومن خلاله يهدف إلى دعم أنشطة البرنامج ذات الأولوية في القطاع الزراعي التي ستنفذها الدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي، والسودان من الدول التي وقعت على الاتفاقين، من خلال التالي:
· زيادة الإنتاجية الزراعية
· إتاحة إمكانية الحصول على الأغذية ذات القيمة الغذائية العالية للشعوب الأفريقية · زيادة مساهمة القيمة المضافة للزراعة والتصنيع الزراعي ومنتجاتهم في تسريع النمو الاقتصادي والحد من الفقر · تقوية قدرة السكان في تعزيز وتحسين سبل كسب العيش · والمقدرة على إدارة نظم الإنتاج القادرة على التأقلم مع تقلبات المناخ · دعم وتقوية التجارة بين البلدان الأفريقية في السلع والمنتجات والخدمات الزراعية · الالتزام بالمساءلة المتبادلة باعتبارها أحد مبادئ البرنامج الشامل للتنمية الزراعية في أفريقيا. |
ولضمان التنفيذ الفعال للبرنامج، تم الاتفاق على والقيام بما يلي:
1. تطوير آليات تعزز قدرة دول القارة الأفريقية على توليد، وتبادل المعارف وإدارتها لتعزيز المعايير القائمة على الأدلة والتخطيط والتنفيذ (Evidence-Based Results)
2. إضفاء الطابع المؤسسي على نظام مراجعة الأقران (Peer Review) يشجع الأداء الجيد على تحقيق التقدم المطلوب في تنفيذ أحكام هذا الإعلان، ويعترف بالأداء المثالي كل سنتين من خلال منح جوائز للدول 3. إجراء تقييم الأداء كل سنتين (Biennial Review [BR]) بدءآ من العام 2017، حيث تم تقديم اول تقارير الأداء إلى قمة الرؤساء والحكومات والجمعية العامة للإتحاد الأفريقي في دورتها العادية في يناير 2018، تبعه تقريري 2020 و2022. |
أًعُتبرالبرنامج الشامل للتنمية الزراعية في افريقيا أول برنامج يحظى بدعم كل الدول الأعضاء في الإتحاد الأفريقي (AU)، حيث تم رصد ميزانيات ضخمة من دول الإتحاد، ومن شركاء التنمية والتي تم توجيه جُلها لبناء القدرات (Capacity-Building) للعاملين في القطاع الزراعي والحيواني والمنتجين، ثم الشراكة في المعرفة وإدارتها (Knowledge Sharing & Management)، وللتقييم الدوري لمخرجات البرنامج (Monitoring & Evaluation).
دعم ذلك خصوصية إبتداع البرنامج الشامل للتنمية الزراعية في افريقيا لآلية التقييم الدوري كل عامين (Biennial Review Exercise [BR]) لقياس ما تحقق من إنجازات والتعرف على المعوقات طوال عمر البرنامج. حيث يهدف ذلك بالأساس إلى توجيه وتتبع الآثار الموجبة والسالبة من جرّاء تنفيذ البرنامج الشامل للتنمية الزراعية في أفريقيا، وإلى قياس ما تحقق إيجابآ في القطاع الزراعي وتأثيره على مجمل القطاعات الأخرى، ومن ثم تقويته بالمزيد من الإلتزامات. حيث وضعت مفوضية الاتحاد الأفريقي (AU) والبرنامج الرائد للشراكة الأفريقية الجديدة من أجل تنمية أفريقيا (AUDA-NEPAD)، والمنظمات الإقليمية للاتحاد الإفريقي ولأول مرة في تاريخ الإتحاد، استراتيجية تنفيذ، وخارطة طريق، وبرنامج عمل تمتد لعمر البرنامج الشامل للتنمية الزراعية في نسخته الثانية ولأعوامه العشرة الأولى (2015-2025). ولقياس ذلك تم تقسيم إلتزامات مالآبو السبعة (Malabo Commitments) إلى أربعة وعشرين قسمآ (Category) يتفرع منها سبعة وأربعين مؤشر قياس (Indicator).
وفقآ لذلك تلتزم وتقوم كل الدول الإفريقية وتشارك في تنفيذ مطلوبات التقييم الدوري كل عامين (Biennial Review [BR])، بتحضير برنامج وطني للتنمية الزراعية والإستثمار (National Agriculture Investment Programme [NAIP]) لمدة خمسة أعوام ولفترتين لتحقيق أهداف برنامج التنمية الزراعية الشاملة (CAADP).
البرنامج الشامل للتنمية الزراعية والسودان:
جاء إطلاق البرنامج الشامل للتنمية الزراعية في السودان منذ العام 2003، حينما قام السودان بكتابة وإجازة خطته الأولى (NAIP) للأعوام (2016-2020) في أكتوبر من العام 2016، لتنسجم مع البرنامج الخماسي للإصلاح الإقتصادي (2015-2019) والذي كان يهدف إلى إستعادة النمو الإقتصادي بوتيرة مُتسارعة ومُستدامة في حدود 7% في المتوسط سنويآ، ومعدل نمو في الناتج المحلي الإجمالي في نهاية البرنامج الخماسي للآصلاح الاقتصادي إلى 7.1%.
الخطة الوطنية للإستثمار الزراعي في السودان (Sudan National Agricultural Investment Plan [NAIP]) هي إحدى الآليات لتحقيق أهداف البرنامج الشامل للتنمية الزراعية (CAADP) من حثٍ وتحفيزٍ وتدفق للإستثمارات بالقطاع الزراعي من خلال التدخلات الحكومية وإشراك القطاع الخاص (محلي وأجنبي) وأيضآ شركاء التنمية بغرض تسريع خطى التنمية الزراعية والإقتصادية وتحسين أوضاع الأمن الغذائي وسبل كسب العيش والحد من الفقر.
تتلخص أهداف الخطة الوطنية للإستثمار الزراعي للسودان في التالي:
o زيادة الإنتاج والإنتاجية الزراعية والكفاءة في مراحل الإنتاج والتجهيز للتصنيع
o تحقيق الأمن الغذائي والتغذوي o الحد من الفقر الريفي بنسبة 50% بحلول عام 2020 وتوليد فرص العمل خاصة للشباب والنساء، وزيادة نصيب الفرد من الدخل القومي o تحقيق النمو الإقتصادي المتوازن على المستوى الولائي من أجل تشجيع الإستقرارعلى دائرة الإنتاج في المناطق الريفية o ترقية الصادرات الزراعية (النباتية والحيوانية) بهدف حماية الإقتصاد السوداني من الإنهيار نتيجة إهمال القطاع الزراعي والتشوهات في الحوافز الزراعية o تنمية وتطوير الموارد الطبيبعة لضمان تجددها وإستدامتها. |
ومن أجل تحقيق الأهداف المذكورة أعلاه فإن الخطة حددت سبعة مجالآت (برامج) كأسبقيات للإستثمار، وإشتمل كل برنامج على مجموعة من البرامج الفرعية (29 برنامج فرعي) تندرج تحتها مشروعات بلغت في مُجملها (263) مشروعآ موزعة على قطاعات الزراعة، الثروة الحيوانية، الصناعة، البيئة، الصحة، التجارة، النقل والخدمات …. إلخ
والبرامج السبعة الرئيسية للخطة هي:
1. تهيئة البيئة الموائمة للتنمية الزراعية المُستدامة
2. الإصلاح المؤسسي وإدارة التغيير وتعزيز قدرات المنتجين والعاملين في القطاع الزراعي 3. زيادة الإنتاج والإنتاجية من خلال تطوير وتحديث النظم الزراعية وتحسين الإدارة الزراعية 4. تطوير الخدمات الزراعية المساندة وإقامة شبكات المعلومات والمعرفة 5. التصنيع الزراعي وتطوير سلسلة القيمة والوصول إلى الأسواق 6. معالجة قضايا الأراضي الزراعية وحماية وتنمية الموارد الطبيبعة بما في ذلك الأحياء البرية 7. تحقيق الأمن الغذائي والتغذوي وتنفيذ معايير ضبط الجودة وسلامة الغذاء. |
ولتحقيق معدل نمو بنسبة 6% سنويا في الناتج المحلي، فقد تم تقدير التكاليف الإجمالية للخطة بميزانية بلغت 5,542 بليون دولار “خمسة بليون وخمسمائة إثنان واربعون مليون” لسنوات البرنامج 2016-2020، تساهم فيها الحكومة بحوالي 3,648 بليون دولار “ثلاثة بليون وستمائة ثمانية وأربعون مليون” تعادل (65.8%) والقطاع الخاص بحوالي 1,263 بليون دولار “بليون ومئتان ثلاثة وستون مليون” تعادل (22.8%) ليتبقى مبلغ يقدر بحوالي 631 مليون دولار “ستمائة وواحد وثلاثون مليون” تشكل حوالي (11.4%) من الميزانية الكلية، يتم عرضها على الجهات المانحة وشركاء التنمية وتشمل مجالآت الإستثمار فيها: بناء القدرات، والإصلاح المؤسسي، والسياسات والتشريعات والإجراءات المتعلقة بإحداث بيئة مواتية للإستثمار الزراعي، والإستثمارات الإستراتيجية في مجال الأمن الغذائي والتغذية، وتحسين أصناف المحاصيل في القطاع التقليدي، والإدارة المُستدامة للتربة والمياه، والإستخدام المُستدام للموارد الطبيبعة. لكن وللأسف لم يتحقق الكثير من تلك الأهداف النبيلة!
حين بدء فترة عملي بوزارة الزراعة والغابات (مارس 2021) كان جُل إهتمامي التركيز على، والعمل لإلحاق السودان بركب الدول الأفريقية والتي سارت مسافات طويلة في تحقيق أهداف برنامج الأمم المتحدة للتنمية المستدامة والبرنامج القاري للتنمية الزراعية الشاملة في أفريقيا كرواندا، غانا، يوغندا، كينيا وإثيوبيا. ولتحقيق ذلك تم تكوين ثلاث لجان بواسطة الدكتور عبد القادر تركاوي – وكيل وزارة الزراعة والغابات والوزير المكلف.
a. تقييم أداء السودان في تنفيذ الخطة الوطنية للإستثمار الزراعي في السودان للأعوام (2016-2020 NAIP)
b. التحضير وإنجاز مهام تقديم تقرير أداء برنامج السودان (NAIP) للإتحاد الأفريقي، لتقييم الأداء الثالث (eBR) c. بإنتهاء المهمة الأولى، البدء مباشرة في صياغة، ثم التحقق من والمصادقة على المرحلة الثانية للبرنامج |
- تقييم أداء السودان في تنفيذ الخطة الوطنية للإستثمار الزراعي في السودان للأعوام (2016-2020 NAIP)
تم تكوين لجنة بتاريخ 8/8/2021 بقرار اداري رقم (79) من السيد وكيل وزراة الزراعة والغابات لسنة 2021 بعضوية إحدى عشر عضوا، وبمساعدة بعض المسئولين الذين شاركوا في أولى سنوات كتابة وتنفيذ البرنامج.
وقد انحصرت مهامها في الآتي:
- جمع البيانات والمعلومات من الجهات ذات الصلة
- التحضير والعمل على تقييم اداء المرحلة الأولى للخطة
- التحضير لعقد مشاورات مع اصحاب المصلحة والدعوة للاجتماعات لها وللمصادقة على التقييم
عكفت اللجنة على وضع خطة لتنفيذ التقييم في أقصر فترة ممكنة وقد تضمنت الخطة الآتي:
- تحديد وتصنيف اصحاب المصلحة المشاركين والمنفذين للمرحلة الأولى للخطة وقد بلغ عددهم (26)
- تصميم استمارة لجمع البيانات والمعلومات
- توزيع الإستمارات واجراء المقابالات مع المسئولين
- تحليل البيانات
- كتابة التقرير النهائي.
بالبحث والتقصي عن أسباب القصور في تنفيذ الخطة الوطنية للإستثمار الزراعي في السودان (2016-2020 NAIP)، ومن خلال الإطّلاع على الوثائق والتقارير، وكذلك الدعوة لإجتماعات ولقاءات وزيارات لكل أصحاب المصلحة لأكثر من ستة أشهر، تكلل ذلك بكتابة مسودة وثيقة عن أسباب القصور في تحقيق أهداف البرنامج، تم عرضها في اجتماع لأصحاب المصلحة عُقد بالفندق الكبير في 26 يناير 2022. تم خلاله إجازة الوثيقة مع بعض التعديلات ومقترح للتوصيات.
وقد خلُصت الورشة إلى مجموعة من الأسباب التي صاحبت كتابة، إجازة، وتنفيذ ومن ثم القصور في تحقيق أهداف البرنامج (NAIP):
- ضعف التمويل وعدم توفير غالب الميزانيات المُقترحة لتحقيق أهداف الخطة الوطنية للاستثمار الزراعي
- عدم الإلتزام الصارم من قبل الحكومة بجعل القطاع الزراعي في قمة اسبقيات التنمية
- ضعف المتابعة والتنسيق بسبب غياب وعدم انشاء الوحدة المعنية بالمتابعة
- عدم العلم بالخطة للعديد من أصحاب المصلحة ولغياب لجنة التسيير
- عدم ترجمة الخطة الإستثمارية الى خطط تنفيذية سنوية
- عدم إدراج ميزانية المشروعات مع الموازنة العامة للدولة
- الحصار الإقتصادي بتأثيره السلبي على تدفق القروض، المنح والمعونات
- المتغيرات السياسية الجارية في الوطن.
التوصيات:
- ان يكون القطاع الزراعي ذو الاولوية الأولى لدي الحكومة
- تضمين مشاريع الخطة القادمة في الموازنة السنوية
- توفير الأموال اللآزمة للميزانيات المُجازة
- يجب أن يكون البنك الزراعي هو أكبر المسئولين عن التمويل الزارعي
- سن سياسات وتشريعات وقوانين جديدة لمواكبة المرحلة المقبلة
- تكوين لجنة التسيير للبرنامج بوزارة الزراعة والغابات الإتحادية على أن تضم جميع الجهات ذات الصلة
- انشاء منصة المراجعة المشتركة تحت رئاسة السيد وكيل وزارة الزراعة والغابات وربما في مجلس الوزراء
- ضرورة إعتماد ميزانية سنوية لهذا الجسم (منصة المراجعة المشتركة) وان تكون هذه الميزانيات السنوية ملزمة الدفع والتغذية بشكل قاطع من قبل الجهات المعنية بتوفير التمويل (وزارة الزراعة والمالية الاتحادية)
- وضع خطط سنوية تفصيلية يتم فيها تنسيق الجهود وتوزيع الأدوار بين جميع الجهات ذات الصلة
- يجب عمل لجان فنية ومتابعة لكل الوزارات المعنية والمتخصصة بتوفير المعلومات الصحيحة، واحكام التنسيق بين الجهات المنفذة للبرنامج
- تقوية الصلة بين وزارة الزراعة والغابات والمزارعين وتنظيماتهم
- تشجيع القطاع الخاص للدخول في الصناعات التحويلية للمنتجات الزراعية
- ترقية وتطوير إدارات الارشاد الزراعي بالولايات للمساعدة في تنفيذ الحزم التقنية
- الإستعانة بالخبرة الأجنبية في مجالات اعداد وتنفيذ وتقييم المشروعات، المواءمة والمرونة مع التغيرات المناخية وادارة المخاطر
- اعتماد تقييم نصف المدة (Mid-Term Review [MTR]) لمعالجة القصور في تنفيذ الخطة
- إعتماد فريق العمل الذي قام بإعداد هذا التقرير ليكون النواه للجنة التسيير ومنصة المراجعة المشتركة، على ان يتم توسيعهم بإدخال كل اصحاب المصلحة.
لم تتحقق كل التوصيات المقدمة من ورشة تقييم أداء السودان في تنفيذ مطلوبات البرنامج الشامل للتنمية الزراعية في أفريقيا (CAADP)، بعد حدوث إنقلاب 25 أكتوبر 2021.
- التحضير وإنجاز مهام تقديم برنامج أداء السودان للإتحاد الأفريقي، لتقييم الأداء الثالث (eBR) للبرنامج الشامل للتنمية الزراعية في أغسطس 2021
أهمية التقرير:
السودان أحد الدول الموقعة على العديد من البرامج والإلتزامات العالمية والتي تعني بالضرورة بمجابهة والتعامل مع التحديات الماثلة للعالم كالتغيرات المتسارعة للمناخ «إرتفاع درجات حرارة الأرض، حرائق الغابات، الفيضانات وتلوث الهواء». إضافة لذلك التحديات المستعصية كزيادة حدة الفقر وإنتشار الجوع وضعف تحقيق برامج الأمن الغذائي والتغذوي، كل ذلك مرتبطآ بمحدودية وضعف تنفيذ برامج الحوكمة للموارد والنشاطات الاقتصادية بما فيها المرتبطة بالحوكمة الزراعية.
لذلك أُعُتبرت إتفاقية باريس للمناخ للعام 2015، وإطار سينداي – اليابان -20302015 للحد من المخاطر، وبرنامجيِّ الأمم المتحدة للألفية والتنمية المستدامة (2015]-SDGs [2015-2030] & MDGs [2000)، وجدول الأعمال الأفريقي (Agenda 2063) للأعوام 2013 -2063، والبرنامج الشامل للتنمية الزراعية – مابوتو 2003 ومالآبو 2014، هي أهم البرامج العالمية والقارية التي تم التوافق عليها، والعمل على تحقيقها بحثآ عن حلول للمخاطر التي تجابه عالم اليوم، وبالتأهب والمرونة (Preparedness and Resilience) في التعامل مع المهددات المناخية، ضمن عديد من الإلتزامات يتم من خلالها تحقيق أهداف التنمية المُستدامة والأهداف الأخرى.
التقييم الدوري لتنفيذ مطلوبات البرنامج الشامل للتنمية الزراعية في أفريقيا (CAADP – BR)، ألزم دول الإتحاد الأفريقي بالقيام بالتقييم كل عامين لقياس أداء دول الإتحاد الأفريقي، تحقيقآ لإلتزامات قمة مالآبو – 2014 السبعة وبمؤشرات قياسه السبعة وأربعين (Indicators)، وبالضرورة تحقيق الأهداف العالمية، حيث يتضح للباحث شمول وتكامل تلك الأهداف السابق ذكرها.
تحقيقآ لذلك فقد قام السودان بتقديم تقارير الأداء لثلاث مرات بناءَ على الخطة الوطنية الأولى للإستثمار الزراعي (2016-2020 NAIP).
- التقييم الأول تم في 2017 وكان العرض للقمة الأفريقية في 2018 (تحصل السودان على 90 من 3.94)
- التقييم الثاني تم في 2019 وكان العرض للقمة الأفريقية في 2020 (تحصل السودان على 33 من 6.66)
- التقييم الثالث تم في 2021 وكان العرض للقمة الأفريقية في 2022 (تحصل السودان على 32 من 7.28)
كان أداء السودان دون المعيار المُحدد «Benchmark» كما هو موضح في النقاط أعلاه، وبالتالي تم تصنيفه ضمن الدول التي لم تستوفِ شروط النجاح «Not OnTrack» لثلاث مرات، للأعوام 2018، 2020، و2022.
يجب التنويه هنا بأن التقييم الأخير للعام 2022، تم وِفقآ للخطة الوطنية الأولى للإستثمار الزراعي في السودان، للأعوام الخمسة المنقضية نهاية العام 2020 |
تم إنجاز ذلك التقييم في العام 2021، حيث قام الفريق المكلف بإنجاز التكليف بتقديم التقرير الثالث في العام 2021، مُكمِلآ لجُل الخطوات الضرورية لجمع البيانات والإحصاءات، بعد أن تم التدريب لثلاث أفراد من فريق العمل المكلف بفهم وإستيعاب الإرشادات الفنية (Technical Guidelines) لكيفية ملء إستمارة التقييم، ووثيقة إعداد تقرير الاستعراض القطري الثالث (eBR) ومؤشرات الأداء الرئيسية للرصد والإبلاغ، بشأن التقدم المُحرز لتحقيق أهداف إعلان مالابو الصادر عن مؤتمر الاتحاد الأفريقي في يونيو 2014 بشأن تسريع النمو الزراعي والتحول في أفريقيا.
لتحقيق ذلك تم إنجاز الخطوات التالية:
- مراجعة ووضع اللمسات الأخيرة على خارطة الطريق القومي للإنتهاء من وإنجاز تقييم الأداء الثالث
- جمع البيانات على المستوى القومي
- تلقي الدعم من المنظمات الإقليمية (IGAD) والإتحاد الأفريقي (AU)
- تنظيف البيانات وتقييمها للتأكد من دقتها
- التحقق من صحة البيانات بعقد إجتماع أصحاب المصلحة على المستوى القومي، (تم ذلك في 12 يوليو2021)
- تنزيل البيانات القومية في نظام التقييم الدوري (Electronic Biennial Review System [eBR])
- التحقق من صحة البيانات على مستوى الإقليم كمنظمة الإيقاد (IGAD)
- تقديم تقرير التقييم النهائي الثالث والبيانات من قبل الدول الأعضاء للاتحاد الأفريقي في أغسطس 2021.
وقد تمثلت أهم التحديات في القصور في المعلومات، التنسيق، الموارد، والاستفادة من شركاء التنمية:
- عدم وجود المعلومة الموثقة (وجود فجوة في قاعدة البيانات المُحّدثة)
- عدم شمول أطُر مشاركة البيانات والمعلومات (الشفافية، التكاملية، والشمولية)
- التذبذب في استمرارية فريق العمل وضعف التنسيق ما بين الجهات الفنية (داخلياً، وخارجياً/ وشركاء التنمية).
- عدم وجود منصات تنسيق على المستويات السياسية (Political Platforms) والمستويات الفنية (Technical Platforms)، وكذلك مع الشركاء (القطاع الخاص، شركاء التنمية، المجتمع المدني، قطاعات المنتجين)
- ضعف الموارد وعدم تخصيص الميزانيات لقياس المؤشرات والتصنيفات
- ضعف آليات المتابعة والتقييم والتوثيق (بيانات التقرير الأول والثاني)
- القصور الواضح وعدم استفادة السودان من دعم شركاء التنمية بسبب ضعف أُطر التشاور والتنسيق بين نقاط الارتكاز والمنظمات الإقليمية والدولية والتشبيك
- بناء القدرات (المتابعة والتقييم، جمع المعلومات والبيانات، والتوثيق).
لم يحدث تقدم في النظر في ومن ثم محاولة إيجاد حلول لهذه التحديات، بعد حدوث إنقلاب 25 أكتوبر 2021.
لكن وخلال هذا الشهر (مارس 2023) بدأت وزارة الزراعة والغابات والوزارات والمؤسسات المعنية بالبرنامج، التحضير لإنجاز كل خطوات التقييم الرابع، بتسمية لجان التقييم وتوزيع المهام والتدريب، تحضيرآ لرفع التقرير للاتحاد الأفريقي في أغسطس 2023.
- البدء في صياغة، ثم التحقق من والمُصادقة على المرحلة الثانية للبرنامج الوطني للإستثمار الزراعي في السودان للأعوام (2025-2021.(NAIP
لم نتمكن من القيام بالعمل في صياغة والمُصادقة على المرحلة الثانية للبرنامج الوطني للإستثمار الزراعي في السودان للأعوام (2021-2025)، لقطع إنقلاب 25 إكتوبر 2021 الطريق نحو تحقيق ذلك الهدف.
الجزء الثاني:
تم إدراج إسمي ضمن الأعضاء المشاركين في التحضير للمؤتمر الزراعي القومي (22-25 مارس 2021) والعمل في بعض لجان التحضير للمؤتمر من خلال المشاركة في بعض لجان التحضير للمؤتمر الزراعي القومي، قمت بكتابة وتقديم ورقتي عمل خلال المؤتمر (Two Presentations)، العرض الأول عن ملكية الأرض في السودان، مستعرضآ بعض جوانب الإعلان الأفريقي حول قضايا وتحديات الأرض والحاجة الماسة للمزج بين التقاليد والحداثة لأنظمة حقوق الأرض في أفريقيا والسودان بالضرورة، والعرض الثاني عن البرنامج الشامل للتنمية الزراعية في افريقيا (مكوناته وطرق التقييم الدوري للأداء). ثم العمل في لجنة صياغة وكتابة توصيات المؤتمر، ولجنة وضع الإستراتيجية القومية للقطاع الزراعي والمستخلصة من توصيات المؤتمر الزراعي القومي والممولة من منظمة الأغذية والزراعة العالمية (FAO).
- إنعقد المؤتمر الزراعي القومي الشامل في الفترة 22-25 مارس 2021، تحت شعار: نحو سياسات وإستراتيجيات فاعلة للنهوض بالقطاع الزراعي، بتشريف الدكتور عبد الله حمدوك – رئيس مجلس الوزراء وبرعاية الدكتور الطاهر حربي – وزير الزراعة والغابات الإتحادية. إستلهامآ لروح التغيير الذي انتظم البلاد بعد ثورة ديسمبر 2018، رأت وزارة الزراعة والغابات بقيادة الوكيل والوزير المُكلف حينها الدكتور عبد القادر تركاوي ضرورة قيام مؤتمرآ زراعيآ لإحداث التغيير والتحول الإستراتيجي المنشود في القطاع الزراعي. حيث أنه وبالرغم من الإمكانيات والموارد التي تزخر بها البلاد إلا أن القطاع الزراعي ظل مُقعدا نتيجة لسوء السياسات والقوانيين التي تحكم الإدارة الزراعية، وضعف الإرادة السياسية التي لم تجعل من القطاع الزراعي قطاعآ إنتاجيآ أساسيآ في الاقتصاد الكلي، ولم توفر له من الموارد ما يتناسب واحتياجاته. ولتحقيق ذلك قامت الوزارة بتشكيل لجنة عليا للتحضير لقيام المؤتمر ضمت مدراء إدارات وزارة الزراعة والغابات وبعض الخبراء الزراعيين من خارج الوزارة لتنقيح ومناقشة المسودة المقترحة التي تلاقحت فيها جميع الأفكار من مبادرات للقطاع العام والخاص. انبثقت من اللجنة العليا للمؤتمر عدة لجان منها اللجنة الفنية، لجنة التنظيم، لجنة السكرتارية، اللجنة المالية، لجنة الإعلام ولجنة الحوسبة، تم اختيار الدكتورة آمال حامد بشارة اختصاصي التخطيط والتنمية والسيد حسن سنهوري ممثل المهندسين الزراعيين لتنسيق مجريات المؤتمر.
قامت اللجان المختلفة بقيادة اللجنة العليا واللجنة الفنية للمؤتمر بالتخطيط والتنفيذ والإشراف على إيجاد مصادر للتمويل لقيام المؤتمر الزراعي الشامل، والذي استغرق الإعداد له قرابة العام نتيجة لتوقف العمل بسبب جانحة كورونا لعدة أشهر في العام 2020. قامت اللجنة الفنية بالتخطيط لأنشطة المؤتمر من تحديد لموضوعات أوراق المؤتمر ورسم للمداولات ومراجعة للمطلوبات ورصد للمخرجات. الجدير بالذكر أن هذه اللجنة تكونت من كوكبة من الخبراء والخبيرات بقيادة الدكتور الطاهر حربي، والذي خلفه البروفيسور محمد الفاتح خالد بعد تولي دكتور الطاهر حربي منصب وزير الزراعة. أسهمت ولايات السودان الثماني عشرة بأوراق عمل تم الإعداد لها من خلال مؤتمرات ولائية على هدي ومطلوبات المؤتمر الزراعي القومي الشامل، والتي اختطتها اللجنة العليا للمؤتمر. شارك في تنفيذ المؤتمرات الولائية شركاء التنفيذ من الوزارات، والجامعات، والبحوث الزراعية، والقطاع الخاص وتجمع المهندسين الزراعيين في كافة ولآيات البلاد. تناول المؤتمر خلال الفترة المذكورة ثلاثة عشر محورآ، حيث تم تقديم مائة وواحد ورقة بما فيها محور الوضع الزراعي في واليات السودان المختلفة حيث شخصت واقع الحال الزراعي.
- واستمرارآ لجهود الوزارة بعد المؤتمر والتي تمثلت في صياغة توصيات المؤتمر والخروج بمصفوفة قابلة للتنفيذ، تكون النواة الصلبة لوضع الإستراتيجية القومية للقطاع الزراعي السوداني. فقد لعبت اللجنة المكلفة برصد التوصيات التي خرج بها المؤتمر دورآ محوريآ في صياغة التوصيات وإعدادها في مصفوفات تساعد متخذي القرار في إنفاذ هذه التوصيات على أرض الواقع.
لجنة صياغة توصيات المؤتمر الزراعي القومي:
اتفقت اللجنة الفنية على تقسيم القطاع الزراعي لعدد ثلاثة عشر محورآ بناء على البيئات والنظم الزراعية المختلفة وكتابة الأوراق البحثية حولها، ومن ثم تم تقييم الوضع الراهن لموضوعات المحاور المختلفة، وتقدير ما هي المشاكل؟ وما هي الفرص والمهددات؟ وما هو المطلوبات الموصى به؟ للوصول للأهداف التنموية التالية:
- زيادة الإنتاج والإنتاجية
- زيادة الصادر الزراعي والدخل القومي
- الإستخدام الرشيد للموارد الطبيعية
- وضع السياسات المحفزة للإنتاج وتوفير المدخلات والخدمات.
تم تقسيم التوصيات إلى توصيات عامة كالإصلاح المؤسسي وتشمل الهياكل التنظيمية، فالتشريعات والقوانيين، السياسات والإستراتيجيات، والبنِى التحتية. ثم توصيات المحاور المختلفة والتي تم وضعها في محاور أساسية تضمنت جميع توصيات ومُخرجات المؤتمر، والتي تمت مراجعتها لتتوافق مع الورشة القطاعية للزراعة. كذلك أُريد لهذه التوصيات أن تتماشى مع توصيات المؤتمر الاقتصادي القومي، ووِفقآ لأولويات الحكومة الإنتقالية، أهداف التنمية المُستدامة، البرنامج الأفريقي الشامل للتنمية الزراعية (CAADP)، والإتفاقات والمواثيق ذات العلاقة بالقطاع الزراعي «كإتفاق باريس للمناخ، إتفاقية التنوع الحيوي والمعاهدة الدولية للأصول الوراثية للزراعة والأغذية»
وتم وضعها في مصفوفة وٍفقآ للتالي:
الأولوية | التحديات | التدخلات المطلوبة (السياسية والإستراتيجية) | الجهة المسئولة عن التنفيذ
|
المدى الزمني للتنفيذ (قصير، متوسط وطويل)
|
الفترة المقترحة لتنفيذ التوصيات وما تبعها من سياسات وإجراءات عشر سنوات، وقد تنفذ في مدد زمنية منها القصيرة (2021-2023) والمتوسطة (2021-2025) والطويلة (2021-2030).
وتندرج المحاور تحت التالي:
- محور الإصلاح المؤسسي
- محور السياسيات والإستراتيجيات
- محور البِنى التحتية
- محور الحوكمة
- محور الأمن الغذائي
- محور الهندسة والري والطاقات المتجددة
- محور الموارد الطبيعية وتغير المناخ
- محور السياسات الكلية والقطاعية والتخطيط
- محور التعاون الدولي والإستثمار والشراكات
- محور القطاعات الإنتاجية
- محور المدخلات الزراعية (التقاوي، الأسمدة والمبيدات)
- محور إدماج النوع الاجتماعي وقضايا المرأة الريفية
- محور السلام والتنمية الزراعية.
- خطوات صياغة إستراتيجية القومية للتحول الزراعي المُستدام:
تم تكوين اللجنة الفنية لصياغة ووضع استراتيجية التحول الزراعي المستدام في السودان بتمويل من منظمة الأغذية والزراعة العالمية (FAO)، حيث باشرت اللجنة الفنية أعمالها في إطار انجاز مهمة اعداد استراتيجية التحول الزراعى المستدام تحت اشراف وزارة الزراعة والغابات كجهة مالكة للإستراتيجية وفريق الفاو بإشراف دكتور محمد خالد صالح الخبير بمنظمة الفاو، كجهة فنية مشرفة على اعداد الإستراتيجية استكمالآ لدورهم في دعم أعمال المؤتمر الزراعي القومي الشامل.
في أغسطس 2021. قامت منظمة الفاو بتسمية خبيرين (دكتور محمد عبد الوهاب والدكتور كمال شديد) إضافة للخبير السوداني والذي سمته وزارة الزراعة والغابات (دكتور عبد المنعم على قسم السيد)، حيث تم الاتفاق وإنجاز الخطوات التالية:
- صياغة الشروط المرجعية للأوراق الفنية المكملة لفجوة المعلومات والبيانات في أوراق المؤتمر الزراعي
القومي الشامل واختيار فرق العمل المكلفة بتحرير هذه الأوراق
- تحديد جدول زمني للفراغ من أعمال اعداد الاستراتيجية القومية للتحول الزراعي المستدام على أن الفراغ من
النسخة الصفرية للاستراتيجية بنهاية ديسمبر 2021، على أن يتم استكمال خطة العمل التنفيذية وآلية الرصد
والتقييم خلال النصف الأول من العام 2022
- اعداد مذكرة عن اسلوب اعداد الاستراتيجية وكيفية مشاركة أعضاء الفريق الفني الأساسي، وكذلك مذكرة
ارشادات تيسيريه عن مفاهيم مكونات الاستراتيجية لتساعد أعضاء الفريق في مهمة العصف الذهني المطلوب
لإعداد الاستراتيجية، وكذلك مذكرة عن مفهوم وانواع التحول الزراعي.
توقف العمل في إعداد الإستراتيجية بعد إنقلاب 25 أكتوبر 2021 مباشرة.
الجزء الثالث:
برنامج التحول الزراعي:
غالب الأسر الريفية تكسب قوت يومها من العديد من الأعمال الزراعية ومن خلال الوسائل التقليدية والمتوارثة جيلآ عن جيل. لم يُعد ذلك كافيآ في عالم اليوم والذي يجاهد في الحد من إنتشار الجوع وتمدد الفقر وسط المجتمعات الريفية. حيث أن الإصلاحات في الزراعة التقليدية وسط تلك المجتمعات الفقيرة، قد تكون هي الطريق الأمثل نحو نمو وآسع النطاق وذو عائد مجزٍ لتلك المجتمعات ولدولهم. التحولات الزراعية الناجحة تركز على الزراعة الحديثة ودعم فقراء الريف، وذلك من خلآل توفير فرص عمل للمزارعين لكسب وزيادة مداخيلهم من خلال تحسين وسائل وطرق الزراعة، وبالنسبة للبعض الإخر سيعني ذلك زيادة الإنتاجية الزراعية أو بممارسة الزراعة المختلطة للمحاصيل الزراعية وتربية الماشية. حيث ان تلك الزيادة في مداخيل الأسر الريفية سيتم إنفاقها في الاقتصاد المحلي والقومي، مما يعزّز خلق فرص العمل وبالتالي المزيد من الطلب على المنتجات الزراعية والمنتجات الأخرى.
السؤال الهام هو كيف يمكن التعجيل بذلك وزيادة النمو دون إلحاق أضرار بتلك المجتمعات، بل ومساعدتهم في الإنتقال إلى نظم زراعية حديثة ومتطورة تساعدهم على زيادة منتجاتهم ومداخيلهم! لذلك يرى العديد من الخبراء وجوب وجود خطة زراعية كاملة وجيدة الإعداد كجزء من نهج التنمية الاقتصادية الشاملة للبلد. في الواقع، بدأت العديد من الدول الصناعية في جنوب شرقي آسيا تقريبًا صعودها الاقتصادي المنظور حاليآ بتحول زراعي. تشمل الأمثلة اليابان، كوريا الجنوبية، تايوان، وماليزيا، حيث ضاعف كل منها على الأقل قيمة قطاع الزراعة في غضون عشرين عامًا من بدء عملية التحول في القطاع الزراعي. أيضآ سارت بعض البلدان في أفريقيا وأمريكا اللاتينية على نفس الدرب للتحول الزراعي.
لفهم جدوى وكيفية إنشاء وعمل وكالة التحول الزراعي. يجب توضيح بأن الفكرة تنبع من المفهوم بأن القطاع الزراعي قطاع كبير وتتداخل فيه اعمال ومساهمات العديد من المؤسسات والجهات “الوزارات، الهيئات، مؤسسات الإقراض المالي، المراكز الأكاديمية والبحثية والقطاع الخاص إلخ … إلخ”، حيث يتطلب ذلك بأن يكون التنسيق هو العامل الأهم وأن تتكامل هذه المؤسسات في إنجاز وتحقيق أهدافها. حيث أن أعمال القطاع الزراعي تزدهر حينما يتم توفير التمويل، المُدخلات الزراعية، المعلومات المتعلقة بتغيرات المناخ، معلومات عن التجارة، وتوفر وسائل الإتصال الحديثة، والطاقة إلخ … إلخ. لكن غالبآ ما تعمل هذه الجهات «كجُزر معزولة» ودون تنسيق وتكامل، مما يؤدي بالضرورة من صعوبة تحقيق البرامج والأهداف. |
السودان وللقرب الجغرافي من إثيوبيا، ومع بداية الفترة الإنتقالية، بدأ التفكير في إنشاء وكالة للتحول الزراعي تطبق ذات النهج الذي تم استخدامه بفعالية من قبل حكومة إثيوبيا كآلية لتحفيز النمو الزراعي. وكالة التحول الزراعي الأثيوبية هي وآحدة من أنواع الوكالات المركزية والتي تم تكييفها لتناسب السياق الزراعي الأثيوبي، الوكالة الأثيوبية أضافت 1.7 مليار دولار أمريكي للناتج القومي منذ العام2013، وضاعفت الأموال المستثمرة فيها 10 مرات، وقامت بتحقيق التالي:
- ممارسات متطورة على امتداد سلاسل القيمة الزراعية
- زيادة استخدام المدخلات
- استخدام البذور المحسنة بنسبة بلغت أكثر من 15%
- زيادة استخدام الأسمدة العضوية وغير العضوية بنسبة %18 و %23 على التوالي
- زيادة استخدام الكيماويات الزراعية بنسبة 15%
- زيادة الإنتاجية والإنتاج مضاعفة إنتاج القمح كمثال
- زيادة نسبة الناتج الداخل إلى السوق مثال: زيادة محصول التيف (Tef) بنسبة %16
- جذب الإستثمارات لقطاع التصنيع الزراعي بما يفوق 3 مليار دولار
- مساهمة ملموسة في نمو الاقتصاد الأثيوبي
- منتوج زراعي سنوي قيمته حوالي 855 مليون دولار
- رفع 286,000 شخصاً فوق خط الفقر
- 485 دولار كمتوسط لدخل الفرد
وبالنظر إلى نجاحات هذا النهج، أبدت حكومة السودان اهتمامها بإمكانية تحقيق وتطبيق نموذج التحول الإثيوبي في السودان، بما في ذلك الابتكارات التي تم تطبيقها في إثيوبيا ويمكن تكييفها مع السياق الزراعي السوداني. لذلك أعلن رئيس الوزراء دكتور عبد الله حمدوك في مارس 2021 الرغبة في تأسيس وكالة التحول الزراعي في السودان لتسريع تطوير الزراعة والثروة الحيوانية في السودان. تنفيذآ لذلك قام وزير الزراعة والغابات الإتحادي المكلف دكتور عبد القادر تركاوي بدعوة فريق فني من إثيوبيا للقيام بزيارات عدة إلى السودان في فبراير 2021 والشهور التالية له، سبق ذلك زيارة إستكشافية في نوفمبر 2020. هدفت هتين الزيارتين والزيارات اللآحقة إلى فهم المحددات الرئيسية التي تؤثر على النمو الزراعي في السودان، وتحديد فرص الاستفادة من نموذج التحول الزراعي الإثيوبي وِفقآ للوآقع السوداني.
أجرى الفريق الفني مقابلات عدة مع مجموعات من أصحاب المصلحة، العاملين في المؤسسات العامة، القطاع الخاص، والمنظمات الدولية للحصول على آرائهم. أبرز أصحاب المصلحة العديد من القيود التي تُعيق التحول الزراعي، حيث إتضح بأن تلك القضايا في المشهد الزراعي وداخل المؤسسات الزراعية ليست فريدة من نوعها في السودان، وتشابه كثيرآ تلك القضايا التي تم إنشاء وكالة التحول الزراعي لمعالجتها في إثيوبيا. وتشمل القضايا الزراعية التي تم تسليط الضوء عليها من قبل أصحاب المصلحة كنقص التمويل، حيازة غير مؤكدة للأراضي الزراعية، صعوبات في الوصول إلى المدخلات الزراعية من بين أمور أخرى. بالإضافة إلى ذلك، ذكر العديد من الأفراد الذين تم إستبيانهم عددًا من القيود المؤسسية مثل الاستراتيجيات المفككة، وعدم كفاية التخطيط على المدى المتوسط إلى الطويل والمتابعة، والصعوبات في ترجمة الخطط والاستراتيجيات إلى برامج قابلة للتنفيذ، والإفتقار إلى التنسيق الفعال بين الجهات الفاعلة في قطاعي الزراعة والثروة الحيوانية. كما تم تحديد الفرص السانحة في القطاع، والتي يمكن إستفادة العديد من الابتكارات التي تم إدخالها واختبارها بالفعل من خلال برنامج التحول الزراعي في إثيوبيا. تتضمن بعض المقترحات: الإرشاد القائم على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات و/أو أنظمة معلومات السوق كطريقة فعالة من حيث قلة التكلفة للوصول إلى زيادة حجم التسويق الزراعي، وتحقيق مكاسب كبيرة في الكفاءة في إقتصاد المدخلات الزراعية. والبناء على الإنجاز الممتاز الذي تم القيام به فعليآ في السودان بشأن رسم خرائط استثمارات الثروة الحيوانية وموارد المياه الجوفية والتربة لتحقيق تأثيرات أكبر في زيادة الإنتاج والإنتاجية.
تبين بآكرآ أن أصحاب المصلحة يدعمون الأساليب الجديدة التي يمكن أن تحفز التحول الزراعي، ويمكنها أن ترى وتفهم الفوائد المحتملة التي يمكن أن تقدمها مؤسسة شبيهة ببرنامج التحول الإثيوبي يتم إنشائها في السودان. يجب التنويه هنا بأن تمويل كل أنشطة التحضيرات لقيام وكالة التحول الزراعي والحيواني، تقدمت بها منظمة الزراعة والأغذية العالمية (Food and Agriculture Organization [FAO])، برنامج الغذاء العالمي (World Food Programme [WFP])، والمعونة الأمريكية (United States Agency for International Development [USAID]).
يمكن تلخيص النتائج الرئيسية من الزيارات الفنية التي تمت خلال الفترة فبراير – أغسطس 2022 على النحو التالي:
- هناك بالفعل إمكانات كبيرة لنموذج التحول الزراعي الإثيوبي للإستفادة منه في السودان
- تتشابه المشكلات التي تواجه القطاع الزراعي مع ما تم إعداده لمعالجتها في إثيوبيا
- بشكل عام، أصحاب المصلحة يدعمون مثل هذا النهج مع الإشارة إلى الحاجة إلى تأطير النموذج في السياق المؤسسي والزراعي في السودان
- سيعتمد نجاح برنامج التحول على التأييد السياسي القوي من أعلى المستويات الحكومية
- أظهرت الجهود السابقة في السودان وإثيوبيا وغيرهما أن دور الحكومة المركزية أمر بالغ الأهمية للنجاح وفي رعاية البرنامج وتحديد الاتجاه له
- يجب أن تكون اتفاقية التحول الزراعي في السودان قادرة على العمل بفعالية عبر ومع الوزارات الإتحادية والولايات ومع أصحاب المصلحة، والجهات الفاعلة في القطاع الأوسع بما في ذلك القطاع الخاص.
- تحديد العقبات الشاملة للتنمية الزراعية واقتراح حلول للاستدامة والتحول الهيكلي عبر إجراء الدراسات والبحوث
- تحديد ومتابعة إجراءات تنفيذ الحلول المقترحة في شكل مشاريع
- توفير الدعم وبناء القدرات للآخرين لتنفيذ الحلول التي اقترحتها الدراسات
- القيام بأعمال الربط والتنسيق بين المؤسسات الزراعية وغيرها من المؤسسات ذات الصلة والمشاريع لتأكيد فعالية أنشطة التنمية الزراعية
- قيام نموذج وكالة للتحول مصمم خصيصاً للتعامل مع التحديات المؤسسية وتذليل العقبات بهدف الوصول إلى أقصى إمكانات القطاع.
تم تتويج كل تلك المجهودات بعقد ورشة حكومات الولايات حول إنشاء وكالة تحول الزراعة والثروة الحيوانية، برئاسة مجلس الوزراء – الخرطوم في الفترة 6-7 سبتمبر 2021، وبمشاركة إثنان من كل وزارة في الولايات في الثمانية عشر ولاية بالسودان: الشخص المُكلف بإدارة وزارة الزراعة ومسئول الثروة الحيوانية، حيث بلغ عدد التوصيات سبعة واربعون توصية (47). تُوِج ذلك بتقديم المُخرجات والتوصيات في اليوم الأخير في 7 سبتمبر 2021 إلى السيد رئيس مجلس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك. تراوحت التوصيات بين تقديم الدعم اللآزم لقطاعي الزراعة والثروة الحيوانية بالولايات وتمكينهم من الإستفادة من الفرص الإستثمارية والميزات النسبية والتفضيلية لكل ولاية، معالجة قضايا نزاعات الأراضي والحواكير، تمكين القطاع الخاص وتشجيعه وتعزيز دوره في الإنتاج الزراعي والحيواني مع إحكام التنسيق بينه والوزارات ذات الصلة والوكالة، التوسع في برامج الإرشاد الزراعي وتوعية المزارعين للإهتمام بالتقانة الحديثة، وضع رؤية إستراتيجية وآضحة لتطوير الغابات كمورد إقتصادي هام، الاهتمام بتحقيق سلاسل القيمة في الإنتاج الزراعي والحيواني، الإسراع بإجراء الإحصاء والمسح الزراعي والسكاني، إستصحاب توصيات المؤتمر الزراعي القومي في إنشاء الوكالة.
بعد ذلك عكفت الوزارات المعنية في الزراعة والغابات، الثروة الحيوانية، الري والموارد المائية، العدل ووزارة رئاسة مجلس الوزراء بالتداول حول مقترح: قانون وكالة التحول الزراعي والثروة الحيوانية للعام 2021، والمُقدم من وزارة العدل والذي تمت الموافقة عليه بعد التداول والتعديل، لتقوم وزارة العدل بتقديمه للإجتماع المشترك لمجلسي السيادة والوزراء للمصادقة عليه في شهر أكتوبر 2021، ليصيح قانونآ نافذآ وتبدأ الخطوات المباشرة والعملية لإنشاء وكالة التحول الزراعي والثروة الحيوانية في السودان (Sudan Agriculture and Livestock Transformation Agency [ALTA]) للحاق بالموسم الزراعي للعام 2022.
لم يتم إجازة قانون وكالة التحول الزراعي والثروة الحيوانية للعام 2021، لحدوث إنقلاب 25 أكتوبر 2021.
الجزء الرابع:
عمِلت حكومة الدكتور عبد الله حمدوك بمجرد استلامها للسطة في سبتمبر من العام 2019، على معالجة أثقال ناء وينوء بها ظهر الوطن، أوقعنا فيها نظام الإنقاذ الفاسد، وذلك من خلال العمل أولآ على إخراج السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب. كان أوجب الواجبات حينها التحدث مع حكومة الولايات المتحدة الأمريكية والتي وضعت السودان في تلك القائمة، لمعرفة اشتراطاتها والعمل لإنعتاق السودان من الحصار الدولي المؤلم والطويل، والذي كان يرزح تحته لما يقارب الثلاث عقود. وبعد مجهود كبير وعمل شاق قام به رئيس مجلس الوزراء والدبلوماسية السودانية، نجحت حكومة الثورة في تحقيق ذلك في الرابع عشر من ديسمبر 2020.
وكانت المهمة العاجلة التالية التحدث مع الدول والمنظمات الدائنة للسودان في محاولة لفك العُزلة الاقتصادية والولوج إلى مجتمع التنمية الدولي، بحثآ عن شركاء للسير مع السودان ومساعدته في تحقيق برامجه الاقتصادية والإجتماعية الكُبرى، لبلد تقول كل القراءات بأنه وبإمكاناته الهائلة التي وهبها له الله سيكون ماردآ زراعيآ وخلال فترة زمنية لن تكون طويلة، إذا ما أحسن السودانيون هذه المرة إقتناص السانحة التي يسّرها الله للسودان، ليحقق أمنه الغذائي ويرسل ما يفيض من منتجاته الزراعية لجيرانه والعالم.
مؤتمر “شركاء السودان” الذي عُقِد في برلين، برعاية من ألمانيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، إلى جانب السودان، في 25 يونيو 2020، والنجاح الكبير الذي لقيه، وما وفره من دعم مالي للسودان قُدِّر بحوالى مليار و800 مليون دولار، كان طوق النجاة والذي بحث عنه السودان طويلآ. أهمية مؤتمر برلين، لا تنعكس في الجوانب الاقتصادية، فحسب، على الرغم من الأهمية القصوى لها، وإنما تُوضِح دون حُجب الأسباب الأساسية الذي جعلت كلٌ من ألمانيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية حريصون كل الحرص على دعم الانتقال الديمقراطي في السودان! من خلال قرار تم الإجماع عليه تقريباً بين تلك القوى الدولية. وبالطبع يعود ذلك إلى طبيعة الثورة السودانية التي استبسل فيها السودانيون بسلميّتهم من أجل إنجاح أهدافها السياسية والإجتماعية، وضربوا بذلك أروع المُثل في القدرة على الصبر وعلى الإمساك بالمصير الوطني للثورة والوطن. بكل تأكيد، يصب ذلك الدعم المالي لمؤتمر برلين في تحقيق انفراج مهم للضائقة التي كانت تعاني منها حكومة الثورة، وهي حكومة ورِثت خراباً عظيماً من النظام السابق، ما أعطي مزيداً من الأمل في تجديد قوى الثورة لزخمها وتماسكها.
ثم كانت خاتمة المِسك بإنعقاد مؤتمر باريس في 17 مايو 2021، حيث أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأن بلاده قررت شطب كامل الديون المستحقة على السودان والتي تبلغ نحو خمسة مليار دولار، وكذلك منح قرض تجسيري للسودان ليتم دفعه لصندوق النقد الدولي بقيمة 1.5 مليار دولار، ليتمكن السودان وبعد أشهر من الإصلاحات القاسية، أن ينجح في الحصول على ثقة صندوق النقد الدولي. حيث وافق صندوق النقد الدولي (IMF) والبنك الدولي (WB) وافقا على ضم السودان إلى برنامج الدول المثقلة بالديون «الهيبيك» (Heavily Indebted Poor Countries [HIPC]) تمهيدا للبدء بعملية خفض ديون السودان. الضخمة (60 مليار دولار تقريبآ).
ليتمكن السودان من النجاح في الوصول في ذلك الاجتماع [HIPC] إلى مرحلة «إتخاذ القرار» في يونيو 2021، وتخفيض 38% من ديونه مع وعود بأن يصل ذلك إلى 90% حين وصول السودان إلى مرحلة «نقطة الإنجاز» في يونيو 2024. |
ومن النتائج المثمرة لوصول السودان إلى مرحلة «إتخاذ القرار» في يونيو 2021، هو أنه أصبح بإمكان السودان الحصول على منح وقروض تمكنه من تحقيق الكثير من المشاريع الهامة والتي تُعنى بدعم فقراء المدن والريف.
لذلك جاء برنامج «ثمرات» للدعم العاجل لعموم السودانيين والذي تصل تكلفته إلى 1.8 مليار دولار وممول بالكامل من شركاء السودان، من خلال تقديم دعم نقدي مباشر للسكان، وأيضآ من خلال برنامج «سلعتي» لجعل إمكانية وصول المواطنين إلى غالب السلع الضرورية بسعر التكلفة تقريبآ أمرآ ممكنآ. وذلك لتخفيف الآثار السالبة لرفع الدعم عن الوقود وتخفيض قيمة الجنيه السوداني، والتي تم تطبيقها وِفقآ للإتفاق صندوق النقد الدولي.
وأتت منحة مؤسسة التنمية الدولية التابعة للبنك الدولي (WB/IDA)، والتي تبلغ 2.5 مليار دولار، لتستفيد منها العديد من الوزارات والهيئات السودانية (الرجاء الرجوع إلى القائمة أدناه). حيث تم تكوين فريق عمل من الوزارات والمؤسسات المُستفيدة من هذه المنحة، والعمل سويآ مع فريق البنك الدولي بالسودان وواشنطن – الولايات المتحدة، لتحقيق تلك الأهداف.
وتحقيقآ لذلك فقد تم تسميتي من قِبل وكيل وزارة الزراعة والغابات الإتحادية السيد / عبد الرحمن هُتر، ممثلآ لوزارة الزراعة والغابات الإتحادية في تلك الإجتماعات، ونقطة إرتكاز (Focal Person) للوزارة في مداولات التنسيق والمتابعة وتعيين الخبراء والموظفين لتلك المشاريع مع وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي وفريق البنك الدولي والمؤسسات والهيئات الأخرى والوزارات.
# | المشروعProject/ | الجهة/الوزارة | المبلغ (مليون دولار) | بداية المشروع |
1 | تطوير سياسة الإجراءات/ العمليات Development Policy /Operation | وزارة المالية والتخطيط الإقتصادي | 500
|
2022 |
2 | تقوية بيانات الإحصاء
Data and Statistics Strengthening |
الجهاز المركزي للإحصاء | 50 | 2022 |
3 | وصول النساء للتمويل وريادة الأعمال Women Access to Finance and entrepreneurship | وزارة الإستثمار | 100
|
2022 |
4 | الوصول للطاقة التحويلية
Energy Transition and Access |
وزارة الطاقة والنفط | 300 | 2022 |
5 | مشروع القرن الإفريقي للطاقة
Horn of Africa Project |
وزارة الطاقة والنفط | 480 | 2022 |
6 | المرحلة الثانية لمشروع إدارة الموارد الطبيعية 2nd Natural Resources Management Project | وزارة الزراعة والغابات | 50 | 2022 |
7 | مكافحة الجراد والأمن الغذائي
Locust Response and Food Security |
وزارة الزراعة والغابات | 65 | 2022 |
8 | تحديث الري وتطوير الإنتاجية الزراعية
Irrigation, Modernization, Productivity and Agriculture |
وزارة الري والموارد المائية | 300 | 2022 |
9 | تقوية خدمات المياه والصرف الصحي
Water Supply Services and Sanitation for Resilience |
وزارة الري والموارد المائية | 200 | 2022 |
10 | مبادرة تقوية المياه الأرضية الإقليمية في القرن الأفريقي Regional HOA Ground Water Resilience Initiative | وزارة الري والموارد المائية | 75 | 2022 |
11 | مشروع الدخل/العيش المستقر في السودان
Sudan Sustainable Livelihood Project |
وزارة الحكم الإتحادي | 200 | 2022 |
12 | التمويل الإضافي للإستجابة لجانحة كورونا
Additional Financing Emergency for COVID19 Response |
وزارة الصحة | 100 | 2021 |
الجملة | 2320 |
كان نصيب وزارة الزراعة والغابات الإتحادية من تلك الأموال 115 مليون دولار، لمشروعي مكافحة الجراد والأمن الغذائي لتستفيد منه ولايات البحر الأحمر، كسلا والقضارف بمنحة بلغت 65 مليون دولار، وللمرحلة الثانية لمشروع إدارة الموارد الطبيعية بمنحة بلغت 50 مليون دولار. يجب التنويه بأن هنالك مشاريع مشتركة بين وزارة الزراعة والغابات الإتحادية مع وزارت وهيئات إتحادية تعمل بصورة مباشرة على دعم القطاع الزراعي والحيواني. برنامج تحديث الري وتطوير الإنتاجية الزراعية مع وزارة الري والموارد المائية، بميزانية تبلغ 300 مليون دولار، مشروع الدخل/العيش المستقر مع وزارة الحكم الإتحادي بميزانية تيلغ 200 مليون دولار، مشروع وصول النساء للتمويل وريادة الأعمال مع وزارة الإستثمار بميزانية تبلغ 100 مليون دولار، وتقوية بيانات الإحصاء مع الجهاز المركزي للإحصاء، بميزانية تبلغ 50 مليون دولار. ذلك غير المشاريع الكبرى لوزارات أخرى يستفيد منها الاقتصاد الوطني وبالضرورة القطاع الزراعي، كمشاريع وزارات المالية والتخطيط الإقتصادي، الطاقة، الصحة.
تم الإشتراك في كل الإجتماعات واللجان الوطنية والعمل مع فريق البنك الدولي بالسودان وفي واشنطن، حتى مرحلة تحديد المرتبات والمكافأت والإعلان عن الوظائف لكل المشاريع وإختيار الموظفين، ولم يتبق سوى توقيع التعاقدات مع الذين تم إختيارهم لهذه الوظائف!
لم يتم إكمال هذا العمل، لتوقف مؤسسة التنمية الدولية والبنك الدولي من تمويل ومواصلة العمل في هذه المشاريع الكُبرى، لحدوث إنقلاب 25 أكتوبر 2021.
إنتهى
آخر التعليقات